تعزيز المهارات
تعزيز المهارات
إحدى سمات المُربِّي الناجح هي قدرته على استثارة دافعية التعليم للمُتعلِّم، فبعد معرفة نفسية المُتعلِّم يعمل المُربِّي الناجح على تلبية احتياجات المُتعلِّم وخصوصًا تلك التي تُلامس حاجاته الداخليَّة، ففي الموقف السابق حينما دعا النبي (صلى الله عليه وسلَّم) لابن عباس “اللهم فقِّهه في الدين” تسبَّب الدعاء له بالعلم في استزادة ابن عباس (رضي الله عنه) من حرصه على العلم والمعرفة.
ومن المواقف التي تؤكِّد هذه الخصلة التربويَّة أيضًا، يقول ابن عبَّاس (رضي الله عنه): كنتُ رَدِيفَ رسولِ اللهِ (صلَّى الله عليه وسلَّم)، فضَرَبَ بيدِه على مَنْكِبي، فقال: يا غلامُ، ألَا أُعَلِّمُكَ كلماتٍ يَنفَعُك اللهُ بهِنَّ؟ قُلْتُ: بلى بأبي أنتَ وأُمِّي يا نبيَّ اللهِ. قال: (احفَظِ اللهَ يَحفَظْكَ، …) ففي هذا الموقف استثار النبي (صلى الله عليه وسلَّم) ابن عبَّاس بسؤاله عن إن كانت له رغبة تعلُّم شيء ما، وفي توجيه السؤال له إشعار بأهمية رأيه ومكانته، وهذا الشعور ضروري جدًّا في نشأة الغلمان لأنه حين يرى أنه مُقدِّر، فإنه يكون أكثر تركيزًا وطلبًا لما يُقدَّم له من قِبل من يُشعره بمكانته.
وفي الموقف ذاته اختار النبي (صلى الله عليه وسلَّم) الوقت المُناسب لتعليم الغلام، فقد كان رديفًا له أي يركب خلفه، وهذه الحالة يكون شعور الغلام الشعور المُتميِّز عن الأقران، أو شعور الحظوة، فيكون أكثر استعدادًا لتقبُّل كل ما يُطرح عليه.
الفكرة من كتاب هكذا ربَّى النبي (صلى الله عليه وسلَّم) ابن عبَّاس (رضي الله عنهما)
من منا لا يعلم كُنية الصحابي الجليل عبدالله بن عبَّاس (رضي الله عنه)؟ فهو حَبر هذه الأمَّة وترجمان القُرآن، وكان (رضي الله عنه) مُكثرًا من أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وسلَّم)، فكان له شأن كبير في العِلم والفقه والتفسير، إلا أن القليل منَّا يعلم أن عبدالله بن عبَّاس (رضي الله عنه) خالط النبي (صلى الله عليه وسلَّم) عامين فقط! فقد توفِّي النبي (صلى الله عليه وسلَّم)، وكان ابن عباس عمره ثلاثة أو أربعة عشر عامًا، فما السر في هذا الفضل العظيم والعلم الغزير مع قصر مُدَّة المخالطة؟
إنها تربية النبي (صلى الله عليه وسلَّم) تربية جامعة، تُقيم الرجال وتؤسِّسهم، ويظل غراسها في القلوب إلى يوم الدين.
في هذا الكتاب جمع لنا الكاتب المواقف الجامعة لرسول الله (صلى الله عليه وسلَّم) وابن عبَّاس (رضي الله عنه) مُحللًا أثرها التربوي ودورها في تكوين النفس السويَّة العزيزة.
مؤلف كتاب هكذا ربَّى النبي (صلى الله عليه وسلَّم) ابن عبَّاس (رضي الله عنهما)
سليمان بن أحمد السويد: تربوي سعودي الجنسية، عمل معلمًا ثم مُشرفًا تربويًّا للصفوف الأولية بأحد قطاعات المملكة.
من مؤلفاته:
الأربعون التعليمية من حديث معلِّم البشريَّة (صلى الله عليه وسلَّم).