الحدس السليم للمُربِّي
الحدس السليم للمُربِّي
وُلد عبدالله بن عبَّاس (رضي الله عنه) قبل هجرة رسول الله بثلاث سنوات، ولم يخالط النبي (صلى الله عليه وسلَّم) إلا بعد فتح مكَّة وكان عمره اثني عشر عامًا، وقد حظي بمخالطة النبي (صلى الله عليه وسلَّم) عن قُرب وذلك لقرابة بينه وبين رسول الله؛ فهو ابن عمِّه، ولأن خالته ميمونة بنت الحارث (رضي الله عنها) زوج رسول الله (صلى الله عليه وسلَّم).
وقد تلمَّس رسول الله (صلى الله عليه وسلَّم) في ابن عباس (رضي الله عنه) الفهم السريع والقُدرة العقلية، وهذه من أهم مواصفات المُربي؛ قدرته على اكتشاف ما لدى الأتباع من القدرات لتوظيفها توظيفًا صحيحًا، أو معرفة مكامن الضعف لئلا يُحمِّله فوق ما يُطيق.
فيحكي ابن عباس (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلَّم) دخل الخلاء، فوضع له ابن عبَّاس وضوءًا، فسأل النبي (صلى الله عليه وسلَّم): من وضع هذا؟ فأخبره، فقال: “اللهم فقِّهه في الدين”، وقد عرف النبي (صلَّى الله عليه وسلَّم) قوَّة ابن عبَّاس على الفهم لأنه توقَّع الترتيب المنطقي لما بعد الخلاء؛ وهو الوضوء.
وفي هذا الموقف أيضًا نرى كيف أن رسول الله (صلى الله عليه وسلَّم) عزَّز وشجَّع ابن عبَّاس، وهذه السمة الثانية في المُربِّي الناجح؛ فبعد اكتشافه لقدرات أتباعه فإنه يؤكِّدها في ذواتهم، ويُحفِّزهم لها، ففي الدعاء نلاحظ أنه لمزيد التميُّز فيما يتميَّز به ابن عبَّاس، وبهذا تُرسِّخ تلك القدرة وتلك الميزة في نفسه أكثر.
الفكرة من كتاب هكذا ربَّى النبي (صلى الله عليه وسلَّم) ابن عبَّاس (رضي الله عنهما)
من منا لا يعلم كُنية الصحابي الجليل عبدالله بن عبَّاس (رضي الله عنه)؟ فهو حَبر هذه الأمَّة وترجمان القُرآن، وكان (رضي الله عنه) مُكثرًا من أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وسلَّم)، فكان له شأن كبير في العِلم والفقه والتفسير، إلا أن القليل منَّا يعلم أن عبدالله بن عبَّاس (رضي الله عنه) خالط النبي (صلى الله عليه وسلَّم) عامين فقط! فقد توفِّي النبي (صلى الله عليه وسلَّم)، وكان ابن عباس عمره ثلاثة أو أربعة عشر عامًا، فما السر في هذا الفضل العظيم والعلم الغزير مع قصر مُدَّة المخالطة؟
إنها تربية النبي (صلى الله عليه وسلَّم) تربية جامعة، تُقيم الرجال وتؤسِّسهم، ويظل غراسها في القلوب إلى يوم الدين.
في هذا الكتاب جمع لنا الكاتب المواقف الجامعة لرسول الله (صلى الله عليه وسلَّم) وابن عبَّاس (رضي الله عنه) مُحللًا أثرها التربوي ودورها في تكوين النفس السويَّة العزيزة.
مؤلف كتاب هكذا ربَّى النبي (صلى الله عليه وسلَّم) ابن عبَّاس (رضي الله عنهما)
سليمان بن أحمد السويد: تربوي سعودي الجنسية، عمل معلمًا ثم مُشرفًا تربويًّا للصفوف الأولية بأحد قطاعات المملكة.
من مؤلفاته:
الأربعون التعليمية من حديث معلِّم البشريَّة (صلى الله عليه وسلَّم).