معاناة الأدباء والمثقفين تحت الاحتلال
معاناة الأدباء والمثقفين تحت الاحتلال
عانى الأدباء والمثقفون الفلسطينيون شتى أنواع الظلم والقهر والعنصرية، ووصل هذا القمع إلى أبشع مظاهره في عام 1967، حيث شُنت حملات اعتقال كبيرة على المئات من الأدباء والمثقفين العرب وأُخضعوا للإقامة الجبرية، ومطاردة حصادهم الفكري والأدبي، وعزلهم عن الجماهير، كما وصل الأمر إلى اغتيال بعض المفكرين من الأدباء، وسُجلت بعض المواد الجديدة بقانون الطوارئ تنص على أن الآمر العسكري يحق له التحكُّم في وجود أي أديب أو مثقف بأي منطقة بفلسطين، ويحق له اعتقاله أو تحديد إقامته الجبرية وقتما شاء، ورافقت تلك الاعتقالات والاحتجازات عمليات عنف وضرب وتعذيب ممنهجة، حيث كانوا يُدعون بغرفة التأديب ليلاقوا فيها شتى أنواع الإهانات والعذاب النفسي والجسدي.
وكانت خطة السلطات الصهيونية هي محاولة حقن المجتمع العربي في فلسطين المحتلة بسموم الثقافة الهجينة، وذلك عن طريق إقامة دعوات لحث الشعراء على التحدُّث بالعبرية والعربية العامية ونبذ اللغة العربية الفصيحة أو التخلُّص من جميع الكتب العربية القيِّمة وتوفير كتب عربية لا هدف لها سوى إغراق الشباب في مستنقعات العدمية القومية والوطنية، كما حثت على نشر الثقافة الغربية بكثرة ليُفتن بها الفلسطينيون، ويبتعدوا عن ثقافتهم العربية حيث شكل هذا فخًّا وبخاصة للأديب العربي القادم من الريف، فقد وجد نفسه أمام سطوة التقدُّم الغربي وجهًا لوجه، وبريق النمط الأوروبي من الفكر والحياة، مما شكل عائقًا كبيرًا أمام أغلب الأدباء والمثقفين للتمسُّك بتراثهم وثقافتهم.
وتدارك أغلب الأدباء والمثقفين الموقف سريعًا، فقد تحطمت الفكرة الفاشية التي تحاول وصم العرب بالتخلف والتأخر بسرعة البرق، وظهر ذلك عن طريق العديد من الندوات التي أُقيمت بهدف توعية الجميع بشأن الفخاخ التي تستخدمها السلطات الإسرائيلية، كما أن أغلب الشعراء أمثال “سميح القاسم، وتوفيق زيادة، ومحمود درويش” الذين اُعتقلوا أظهروا تطوُّرًا هائلًا في أسلوبهم بالكتابة فلم يزدهم السجن إلا إصرارًا، إذ كان بمثابة التربة الخصبة التي أخصبت بذور أدب المقاومة ليظهر بشكله الحالي، وفوتوا على مزاعم التقدُّم الإسرائيلي فرصة استقطاب الحركة الثقافية العربية وامتصاصها فلم تتزعزع ثقة العربي بجذور ثقافته وآفاقها.
الفكرة من كتاب الأدب الفلسطيني المقاوم تحت الاحتلال 1948 – 1968
قلما تجد شاعرًا عربيًّا غابت القدس أو القضية الفلسطينية عن أعماله، وقد كانت القضية الفلسطينية -وما زالت- مصدرَ إلهامٍ لكثير من الأدباء والشعراء في مختلف الأزمان والعصور.
ويُعدُّ هذا الكتاب -الذي بين أيدينا- دراسة أدبية تحليلية لأدب المقاومة الفلسطيني تحت الاحتلال منذ النكبة وحتى عام 1968، وهو من أوَّل الكتب التي اهتمت بتعقُّب واستقصاء وتأريخ تلك الفترة، حيث يستعرض غسان كنفاني الصعوبات التي واجهها الأدباء والمثقفون في ظل تلك الظروف القاسية، وكيف أن الحصار لم يزدهم إلا تشبثًا بهويتهم وبتراثهم العربي الأصيل، مُسلطًا الضوء على مساوئ الاحتلال وجرائمه في حق التراث الإسلامي الفلسطيني.
فهيَّا بنا نتعرف على الوضع الثقافي بفلسطين المحتلة خلال تلك السنوات!!
مؤلف كتاب الأدب الفلسطيني المقاوم تحت الاحتلال 1948 – 1968
غسان كنفاني (1936 -1972): روائي، وقاص، وصحفي فلسطيني، ويعدُّ أحد أشهر الكُتَّاب والصحفيين في القرن العشرين. اهتم بالكتابة على نحو خاص بمواضيع التحرُّر الفلسطيني، كما كان عضوًا بالمكتب السياسي “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، ولا يخفى على أحد أنه أوَّل من تحدث عن شعراء المقاومة وأشعارهم ونشر عنهم بالعالم العربي، ولم تخل أي مقالة كتبها من معلومات عن شعراء الأرض المحتلة.
من أبرز مؤلفاته: “عالم ليس لنا”، و”أرض البرتقال الحزين”، و”عائد إلى حيفا”، و”جسر إلى الأبد”، و”رجال في الشمس”، و”ما تبقى لكم” و”القميص المسروق”.