إلى أرض الحرم
إلى أرض الحرم
إن من أجمل القصص المؤثرة هي تلك القصص التي نعيشها على الحقيقة، ولا نتصورها في الخيال، والقصة هنا عن طالب شيوعي نصح الشيخ علي الطنطاوي أستاذه بأن يأخذه معه في رحلة إلى الحج بعدما ألح الطالب في ذلك، لعل ذلك الطالب يكون فيها على موعد مع الهداية والصلاح، وبالفعل استجاب الأستاذ لنصيحة الشيخ علي الطنطاوي، وكانت تلك الرحلة لها عظيم الأثر في إعادة نفس الشاب إلى سيرتها الأولى.
وحدث ما تعجَّب له الأستاذ وأصدقاء الطالب والجميع، إذ إنهم عندما بلغوا الحرم ونزعوا ثيابهم، فكأن السوء كله قد انخلع مع هذه الثياب، وجهر الطالب بالتلبية أكثر من جهرهم جميعًا، ولما بدت لهم الكعبة راح الطالب يبكي بكاءً شديدًا حتى أبكاهم جميعًا! لقد كان هذا أثر الحرم في نفس الطالب، كما هو في نفس كل مسلم معلقة روحه بالبيت الحرام.
كانت رحلة الوفد السوري إلى الحجاز في ربيع عام 1935 ميلاديًّا، وكانت بمثابة افتتاح لطريق الحج البري بالسيارات، حيث ودَّعت الجموع السورية الموكب، وغادرت السيارات دمشق في رحلة إلى البقاع المقدسة، فمروا على “درعا”، ثم شرقًا إلى “بصرى”، في رحلة طويلة مخيفة مقلقة متعبة، لم يُصبرهم على مشقة الطريق إلا الغاية الأسمى والبقاع المُباركة، وعندما باتوا ليلتهم الأولى في البادية، كان التعب قد بلغ منهم مبلغًا، ورغم هذا عند مبيتهم نسوا ما قاسوه من تعب ونصب، وما رأوه من شقاء وعناء، حتى بلغوا حدود الأراضي السعودية فاستبشروا بذلك وشعروا بالاطمئنان وزوال شيء من النصب كمن ذاق طعم الأمان بعد الخوف والراحة بعد التعب.
الفكرة من كتاب من نفحات الحرم
يقول رسول الله (ﷺ): “لا تشدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا (المسجد النبوي)، والمسجد الأقصى”.
يتناول كتاب “من نفحات الحرم” رحلة وفد سوري من دمشق إلى المدينة ثم إلى مكة المكرمة، في مشاهد جليلة مرَّ بها، ويصف لنا فيها طبيعة الحياة في بلاد الحرمين، بأسلوب أدبي جميل.
مؤلف كتاب من نفحات الحرم
علي الطنطاوي (1909- 1999م): كاتب وفقيه وأديب وقاضٍ سوري، يُعد من كبار أعلام الدعوة الإسلامية والأدب العربي في القرن العشرين، كتب في كثير من الصحف العربية لسنوات طويلة منها الرسالة المصرية، والمقتبس، والأيام والشرق الأوسط، وغيرها.
عمل منذ شبابه في سلك التعليم الابتدائي والثانوي في سوريا والعراق ولبنان حتى عام 1940، وترك التعليم ودخل سلك القضاء، فأمضى فيه خمسة وعشرين عامًا من قاضٍ في النبك ثم انتقل إلى دمشق فصار القاضي الممتاز فيها، ونقل مستشارًا إلى محكمة النقض في الشام، ثم مستشارًا لمحكمة النقض في القاهرة أيام الوحدة مع مصر، وقد أعد مشروع قانون الأحوال الشخصية كله وصار هذا المشروع أساسًا للقانون الحالي لسورية.
من أشهر مؤلفاته:
صور وخواطر.
من حديث النفس
حكايات من التاريخ.
سيد رجال التاريخ محمد ﷺ.
ذكريات علي الطنطاوي.