دين ضد الدين
دين ضد الدين
يقسم الكاتب التديُّن عمومًا إلى تديُّن أيديولوجي وتديُّن اجتماعي وهما متقابلان في نظره بسبب نشأة الصراع بينهما في القرون الأخيرة، وكان من المفترض أن يكمل كلاهما الآخر.
ميزة الإسلام منذ نزول الوحي على النبي (ﷺ) وإلى الآن هي الرؤية الواقعية للإنسان وما حوله وعلاقته بالمجتمع وبالطبيعة والمفاهيم الغيبية وما إلى ذلك، وهذه الرؤية هي التي جعلت المجتمع الإسلامي ينمو شيئًا فشيئًا حتى وصل إلى أوجه من المشرق إلى المغرب في بضعة قرون فقط، وهذا في عمر المجتمعات قليل لكن منذ بدء محاولات تفريغ الإسلام من مضمونه والتضحية بالحقائق الاجتماعية والسياسية والاكتفاء بمظاهر العبادة والجانب التزكوي فقط، فأصبح الإسلام دينًا موروثًا اجتماعيًّا وثقافيًّا يورَث من الأجداد إلى الآباء ومن الآباء إلى الأبناء، فيكون مجرد تقاليد وأعراف ومظاهر اجتماعية دورها الوحيد تجسيد العقل الجمعي للناس وإعلان المسلمين أنهم مسلمون في المحافل والمناسبات الدينية، وأنهم مشتركون في هذا الدين، هذا عكس الدين الأيديولوجي؛ الدين الذي يختاره الإنسان أو الجماعة بصورة واعية مفكِّرة تدرك قيمة الإسلام الحقيقية، يريد تطبيق كل تفصيلاته لأنه يعلم أن هذا الدين هو الملاذ، ومن ثم يشعر الفرد -شأنه شأن أي صاحب أيديولوجية- بالأوضاع المحيطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، يسخط ويتألم وتؤرقه التساؤلات فيهيمُ شرقًا وغربًا بحثًا عن الإجابات.
وهذا مثال حي عن الدين الأيديولوجي: لماذا ينتشر الإسلام بسرعة البرق في أفريقيا تحديدًا رغم عدم وجود مبشرين له كما في المسيحية؟ لأن الأفارقة السود وجدوا في الإسلام خلاصًا من العنصرية التي يتعرَّضون لها ووجدوا فيه من المساواة والعدل ما لم يجدوه في دين غيره، وبالتالي اتخذوه أيديولوجية ويتحمَّلون ما يتعرَّضون له من حملات العنف وتعذيب وترهيب ليتخلَّوا عن دينهم.. إنه الإيمان الواعي.
الفكرة من كتاب الإنسان والإسلام
“الإنسان اليوم مجهولٌ أكثر من أي وقتٍ مضى”.
الإنسان في حاجة إلى أن يعرف نفسه ووجوده، في حاجة إلى أن يدرك موقعه في مجتمعه وفي الطبيعة، وأن يتأمَّل في الإسلام ويعلم قيمته الحقيقية ومسؤولياته التي اختصَّه الله بها.
الكتاب يتمثَّل في محاضرات تم تجميعها، ألقاها الكاتب على الطلبة الإيرانيين في مدينة آبادان عام 1968، ويوضح الكتاب بدايةً كيف كرَّم الله الإنسان ووضع له مكانة مميزة، ثم يتحدث عن المصادر الثقافية الخاصة بالمجتمعات الإسلامية وضرورة العودة إليها وجعلها نقطة بداية للتقدم، ثم يذكر السجون الفلسفية التي قيَّدت حرية الإنسان وجعلته عاجزًا، وأخيرًا يبرز قضية تضارب المفاهيم في وقتنا هذا وتحديد مفهوم التديُّن المناسب لهذا العصر.
مؤلف كتاب الإنسان والإسلام
الدكتور علي شريعتي: مفكر إيراني إسلامي شيعي، ويعد فيلسوف الثورة الإيرانية وملهمها، ولد قرب مدينة سبزوار في خراسان 1933، تخرج في كلية الآداب ليذهب في بعثة إلى فرنسا لدراسة علم الأديان وعلم الاجتماع وحصل على شهادتي الدكتوراه في تاريخ الإسلام وعلم الاجتماع، له العديد من المؤلفات الشهيرة مثل: “مسؤولية المثقف”، و”الإسلام ومدارس الغرب”، و”العودة إلى الذات”.