العودة إلى الذات
العودة إلى الذات
تشبه المصادر الثقافية لأمة ما الموجود بأرضها من مصادر طاقة ومواد خام لو لم يستطع المجتمع أو الجيل الحالي خصوصًا طبقة المفكرين إعادة إنتاج مصادر ثقافته وإحياءها والاستنباط منها لأصبح المجتمع بأسره محرومًا تمامًا من أي نهضة أو تقدم.
والحقيقة أن اتهامنا أننا شعوب فوضوية متخلِّفة بسبب ذلك العجز عن الاستفادة من الماضي والتاريخ والعودة إلى الذات ظنًّا من المفكرين أن السبيل الوحيد للتقدم هو أن نفعل كما فعل الغرب وننهل من حيث نهلوا، ودائمًا التقليد المطلق لا يحقِّق شيئًا وخصوصًا فيما يتعلق بأفكار المجتمع ونهضته.. لماذا؟ لأنه بكل بساطة إذا اقتلعت شجرة من بلدٍ أوروبية بجذورها من تربتها الملائمة للأجواء المناخية شديدة البرودة وزراعتها في تربة بلدٍ شرقي استوائي ماذا تتوقَّع لها؟ أن تنمو بشكل طبيعي؟ بالمثل إذا اخترت أفكارًا وفلسفاتٍ بجذورها لا تلائم جذورنا التي نشأ عليها الناس في مجتمعاتنا الإسلامية الشرقية، ماذا تتوقَّع أيضًا؟
ومن هنا نشأ ما يسمى بـ”علم الاجتماع الاستعماري” لتفسير ما حدث للمجتمعات الإسلامية ومعرفة ما فعله المستعمر، إذ إنه خطَّط لما يضمن له التفوق والسيادة حتى بعد خروجه من المستعمرات، وجوهر هذه الخطة هو تغريب الشرق وتشويه هوياتهم وإبعادهم عن ذواتهم فيضطرون إلى اللجوء الدائم إلى الغرب ثقافيًّا من جهة، ومن جهة أخرى اقتصاديًّا وهي النقطة الأهم لأنه عندما يجعل نحو مليار شخص مستهلكين جيدين، فهذه بالتأكيد صفقة رابحة، فما الحل إذًا؟ الحل هو أن يشعر المفكرون بمسؤوليتهم أمام مجتمعاتهم والتخلُّص من الشعور الدائم بالانهزام، وأن يتحرَّر المثقف من عزلته عن مجتمعه، ويدرك أن الباطل يستشري أكثر وأكثر، وأن كل لحظة يغيب فيها المثقف عن المشهد يزداد فريق الباطل أضعافًا، إذ إن هذا الزمن هو زمن المفكرين والمثقفين وليس رجال الدين التقليديين.
الفكرة من كتاب الإنسان والإسلام
“الإنسان اليوم مجهولٌ أكثر من أي وقتٍ مضى”.
الإنسان في حاجة إلى أن يعرف نفسه ووجوده، في حاجة إلى أن يدرك موقعه في مجتمعه وفي الطبيعة، وأن يتأمَّل في الإسلام ويعلم قيمته الحقيقية ومسؤولياته التي اختصَّه الله بها.
الكتاب يتمثَّل في محاضرات تم تجميعها، ألقاها الكاتب على الطلبة الإيرانيين في مدينة آبادان عام 1968، ويوضح الكتاب بدايةً كيف كرَّم الله الإنسان ووضع له مكانة مميزة، ثم يتحدث عن المصادر الثقافية الخاصة بالمجتمعات الإسلامية وضرورة العودة إليها وجعلها نقطة بداية للتقدم، ثم يذكر السجون الفلسفية التي قيَّدت حرية الإنسان وجعلته عاجزًا، وأخيرًا يبرز قضية تضارب المفاهيم في وقتنا هذا وتحديد مفهوم التديُّن المناسب لهذا العصر.
مؤلف كتاب الإنسان والإسلام
الدكتور علي شريعتي: مفكر إيراني إسلامي شيعي، ويعد فيلسوف الثورة الإيرانية وملهمها، ولد قرب مدينة سبزوار في خراسان 1933، تخرج في كلية الآداب ليذهب في بعثة إلى فرنسا لدراسة علم الأديان وعلم الاجتماع وحصل على شهادتي الدكتوراه في تاريخ الإسلام وعلم الاجتماع، له العديد من المؤلفات الشهيرة مثل: “مسؤولية المثقف”، و”الإسلام ومدارس الغرب”، و”العودة إلى الذات”.