مقارنات فاسدة
مقارنات فاسدة
بدأت المقارنات منذ خلق الإنسان وظهرت في نفس إبليس عند أمر الله للملائكة بالسجود ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ﴾، وبغض النظر عن الخلاف في أن إبليس من الملائكة أو الجن إلا أن المقارنة ظهر فيها خللٌ لأن إبليس قارن بين مادة صُنعه (النار)، ومادة صُنع الإنسان (الطين)، وإذا نزعنا أمر السجود من سياق الآيات تجد شيئًا من المنطق، فكيف يسجد المخلوق من المادة الأرقى صنعًا للمخلوق من المادة الأحط! يبدو أن هناك معيارًا آخر للتفضيل غير مادة الخلق، وقد ظهر نبذة من هذا المعيار في الآيات قبل آية السجود في قوله تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا﴾، ومن هنا تدرك أن المقارنة كانت على أساس آخر ألا وهو العلم، وبالتالي تصبح قيمة الإنسان وأصالته نابعة من مقدار العلم والمعرفة وليس عنصر الخلق.
ننتقل إلى مقارنة فاسدة أخرى وهي المقارنة بين جنس الرجل والمرأة، وفساد المقارنة هذه المرة نابعٌ من فكرة إنشاء المقارنة ذاتها! فعندما نتأمل مثلًا قول نيتشه: “إن المراة خُلِقت من عنصر والرجل من عنصر آخر” تشعر أن هناك هدفًا ما يصبو إليه فلاسفة الغرب، وهذا الهدف اتضح بعد ذلك وهو تحقير طبيعة المرأة وتفضيل طبيعة الرجل، ويظهر ذلك جليًّا في نظرة الفلاسفة إلى المرأة على أنها كائن أدنى، بل وصل الحال إلى تطوُّر نقاشات عن جدلية اعتبار المرأه كائنًا حيًّا من الأساس أم لا! وكل هذه الممارسات الغربية هي التي أدَّت إلى ظهور الحركات النسوية بعد ذلك، وعندما تتأمَّل في خلق المرأة تجد أن المرأة مخلوقة إما من طينة الرجل أو من ضلعه على اختلاف الروايات، وبالتالي فلا مجال لتفضيل خلق جنس على الآخر، وتجد تلك المساواة في الخلق في مواضع عديدة في القرآن منها: ﴿هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍۢ وَٰحِدَةٍۢ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ۖ﴾.
الفكرة من كتاب الإنسان والإسلام
“الإنسان اليوم مجهولٌ أكثر من أي وقتٍ مضى”.
الإنسان في حاجة إلى أن يعرف نفسه ووجوده، في حاجة إلى أن يدرك موقعه في مجتمعه وفي الطبيعة، وأن يتأمَّل في الإسلام ويعلم قيمته الحقيقية ومسؤولياته التي اختصَّه الله بها.
الكتاب يتمثَّل في محاضرات تم تجميعها، ألقاها الكاتب على الطلبة الإيرانيين في مدينة آبادان عام 1968، ويوضح الكتاب بدايةً كيف كرَّم الله الإنسان ووضع له مكانة مميزة، ثم يتحدث عن المصادر الثقافية الخاصة بالمجتمعات الإسلامية وضرورة العودة إليها وجعلها نقطة بداية للتقدم، ثم يذكر السجون الفلسفية التي قيَّدت حرية الإنسان وجعلته عاجزًا، وأخيرًا يبرز قضية تضارب المفاهيم في وقتنا هذا وتحديد مفهوم التديُّن المناسب لهذا العصر.
مؤلف كتاب الإنسان والإسلام
الدكتور علي شريعتي: مفكر إيراني إسلامي شيعي، ويعد فيلسوف الثورة الإيرانية وملهمها، ولد قرب مدينة سبزوار في خراسان 1933، تخرج في كلية الآداب ليذهب في بعثة إلى فرنسا لدراسة علم الأديان وعلم الاجتماع وحصل على شهادتي الدكتوراه في تاريخ الإسلام وعلم الاجتماع، له العديد من المؤلفات الشهيرة مثل: “مسؤولية المثقف”، و”الإسلام ومدارس الغرب”، و”العودة إلى الذات”.