قلق الحب
قلق الحب
رغم الهناء والاستقرار، ورغم الأمان والطمأنينة والسلام، فإن الحب لا يخلو من قلق وخوف وحزن وألم، يصل أحيانًا إلى حد العذاب والجحيم، وما يزيد من القلق هو مصطلح الغزو والخضوع، إذ يوجد طرف غازٍ وطرف خاضع للآخر، وقد تبدو وكأنها ظاهرة غير ديمقراطية، ولا يمكن أن تحقق معاني الاستقلالية والتفرُّد والتميُّز والوعي الكامل، لأن هذا يتنافى مع شعور المحب بالحرية، فكيف يكون الإنسان حرًّا وبنفس الوقت خاضعًا؟ وهذا أحد أمور الحب الغامضة المحِّيرة، ولكن الإنسان لا يسلم نفسه إلا لمن يثق به، ولو فهمنا معنى الغزو والخضوع لعرفنا أنها ليست مرتبطة بنوع الشخص سواء كان ذكرًا أو أنثى، فهي أدوار تلقائية تتبدَّل مع الوقت.
ويعاني الحبيبان قلق الابتعاد وقلق الاقتراب، ففي الاقتراب يعانيان من قلق الملل والخوف من السأم، وفي الابتعاد يعانيان قلق الخوف من الهجر والنسيان، وهذه الصراعات في الحب تكون موجودة على القشرة الخارجية؛ ولذا من السهل إزالتها، بابتسامة، أو بنظرةٍ حانية، وفي لحظة واحدة يذوب كل الألم والعذاب وتحلُّ محلها الفرحة، ولهذا فإن أي خلاف بين المتحابين لا يخلف وراءه أسى أو ذكرى سيئة.
ولا يُفضَّل أن يوجد بين الأحباء ما يسمى بالصديق المشترك للعاشقين، فلا أحد يستطيع أن يقترب من أحاسيس العاشق تجاه معشوقته، ولا أحد يستطيع مهما كانت درجة قربه أن يتفهَّم طبيعة هذه المشاعر، فعلاقة الحب هي دائرة مغلقة على طرفيها لا مكان للثالث بينهما، مهما كانت درجة صداقته أو قرابته، فلا شيء يثير الحسد في الدنيا قدر الحب، ولهذا فالمحبون الحقيقيون قليلون، والحاسدون كثيرون، كما أن الطرف الثالث غالبًا ما يُسيء إلى علاقة الحب، حتى وإن كان حسن النية، فهو قد تحرِّكه دوافعه اللاشعورية ويحقد على المتحابين ويتعمَّد إشعال فتيل الشجار بينهما.
الفكرة من كتاب معنى الحب
يعدُّ الحب من أكثر الأمور التي تحيط بحياة الإنسان غموضًا، فمن الصعب الحصول على معنى شامل يصفه، إذ تجد كل شخص يتفنَّن في وضع معنى جديد له، وهذا يجعلنا نتساءل: هل الحب وهم جميل يبدو من صِدقِه وكأنه واقع؟ أم هو حلم رائع يبدو من وضوحه وكأنه حقيقة؟
وخلال السطور القادمة ستعرف ما الحب؟ وما معناه؟ وستجد إجابات عن تساؤلاتك مثل، هل نحب بالقلب أم بكل الجسد؟ وهل يحب الإنسان ليعيش أم يعيش ليحب؟ وإذا كان الحب عطاءً مطلقًا فهل يستطيع الأناني أن يحب؟ وهل تتشابه تجارب الحب أم أن كل تجربة فريدة مستقلة لا يمكن مقارنتها بحب آخر؟
مؤلف كتاب معنى الحب
عادل صادق عامر عبدالله (1943-2004): هو كاتب وطبيب نفسي مصري، وُلد بالقاهرة عام 1943، حصل على زمالة الكلية الملكية بلندن، وزمالة الجمعية الأمريكية للطب النفسي، كما شغل منصب الأمين العام لاتحاد الأطباء النفسيين العرب، ورئيس تحرير مجلة “الجديد” في الطب النفسي، وكتب العديد من المقالات لصحيفة “الأهرام”، وتُوفي في عام 2004 عن عمرٍ يُناهز الستين، بعد أن ترك لنا إرثًا من روائع كتاباته.
ومن أهم مؤلفاته: “مشكلات عاطفية”، و”في بيتنا مريض نفسي”، و”من أنا؟ من أنت؟ من هو؟”، و”كيف تصبح عظيمًا”، و”متاعب الزواج”، و”الزوج أول من يشكو”، و”امرأة في محنة”، و”حب بلا زواج وزواج بلا حب”، و”الألم النفسي والعضوي”، و”أزواج وزوجات أمام الطبيب النفسي”.