الحب عطاء واختيار
الحب عطاء واختيار
لا نغالي إذا قلنا إن الحب هو أقدس رابطة بين اثنين من البشر، ولا نغالي أيضًا إن قلنا إنه منبع الخير في الحياة، ولو رأينا الأطفال الصغار لأدركنا أنه بسبب الحب يحلو لنا الاهتمام بهم، ولذا فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي يستطيع أن يكرِّس حياته من أجل إنسان آخر، والحيوان لا يستطيع أن يفعل ذلك، وهذا يدلُّ على أن العطاء المطلق هو فعل إنساني بحت، ولا يمكن أن يكون إلا من خلال حب حقيقي، ويشمل العطاء العديد من الصور مثل عطاء الذات، والنفس، والوجود، وأي عطاء مادي مهما عظم، لا يوازي العطاء النفسي الذي يمنحه المحب لمحبوبه، ولهذا لا يستطيع الإنسان بمال الدنيا كله أن يحصل على ذرة اهتمام من إنسان آخر.
والثراء النفسي هو ما يهم في علاقة الحب، فلا ينظر المحب أبدًا إلى ما يملك محبوبه من مال وأشياء، ولا تزيد مكانة المحب بسبب ممتلكاته، وقد تتعرَّض سفينة الحب الحقيقي لموجات عاتية، وصراعات عنيفة، ولكن بقدرة المحبين على الولوج إلى أعماق ذاتهم تهدأ العواصف، ولهذا لا توجد شكوك مع الحب الحقيقي، بل توجد الغيرة فقط، لأن الشك معناه أنك لا تحب حبًّا حقيقيًّا، والشك والحب الحقيقي لا يجتمعان، ومن المستحيل أن توجد خيانة مع الحب الحقيقي حتى وإن أكَّدت كل الظواهر والشواهد عكس ذلك.
ولو تساءلت لماذا توجد الغيرة بين المحبين، وما الذي يخشاه الفرد في علاقة الحب الحقيقية؟ وممَّ يخاف؟ لوجدت الإجابة أنه يخاف أن يفقد هذا الحب، وأن يفقد الروح التي أقبلت عليه بمحض إرادتها، ولهذا فقد يغار إلى حد القلق الشديد، ولكن ليس لدرجة الرغبة في التملك والسيطرة، فعلاقة الحب الحقيقية يتمتَّع فيها كل شخص بحريته واستقلاله.
الفكرة من كتاب معنى الحب
يعدُّ الحب من أكثر الأمور التي تحيط بحياة الإنسان غموضًا، فمن الصعب الحصول على معنى شامل يصفه، إذ تجد كل شخص يتفنَّن في وضع معنى جديد له، وهذا يجعلنا نتساءل: هل الحب وهم جميل يبدو من صِدقِه وكأنه واقع؟ أم هو حلم رائع يبدو من وضوحه وكأنه حقيقة؟
وخلال السطور القادمة ستعرف ما الحب؟ وما معناه؟ وستجد إجابات عن تساؤلاتك مثل، هل نحب بالقلب أم بكل الجسد؟ وهل يحب الإنسان ليعيش أم يعيش ليحب؟ وإذا كان الحب عطاءً مطلقًا فهل يستطيع الأناني أن يحب؟ وهل تتشابه تجارب الحب أم أن كل تجربة فريدة مستقلة لا يمكن مقارنتها بحب آخر؟
مؤلف كتاب معنى الحب
عادل صادق عامر عبدالله (1943-2004): هو كاتب وطبيب نفسي مصري، وُلد بالقاهرة عام 1943، حصل على زمالة الكلية الملكية بلندن، وزمالة الجمعية الأمريكية للطب النفسي، كما شغل منصب الأمين العام لاتحاد الأطباء النفسيين العرب، ورئيس تحرير مجلة “الجديد” في الطب النفسي، وكتب العديد من المقالات لصحيفة “الأهرام”، وتُوفي في عام 2004 عن عمرٍ يُناهز الستين، بعد أن ترك لنا إرثًا من روائع كتاباته.
ومن أهم مؤلفاته: “مشكلات عاطفية”، و”في بيتنا مريض نفسي”، و”من أنا؟ من أنت؟ من هو؟”، و”كيف تصبح عظيمًا”، و”متاعب الزواج”، و”الزوج أول من يشكو”، و”امرأة في محنة”، و”حب بلا زواج وزواج بلا حب”، و”الألم النفسي والعضوي”، و”أزواج وزوجات أمام الطبيب النفسي”.