لماذا نحتاج إلى الحب؟
لماذا نحتاج إلى الحب؟
نحتاج إلى الحب لنشعر بالدفء والأمان، فشخص واحد فقط كفيل بأن يُبعد عنا الخوف والقلق ويجلب لنا الطمأنينة، وتعد نقطة الحب الأولى لأي إنسان هي القطرة الأولى من الحليب الممزوجة بالحب التي تنزل من ثدي الأم في حلق وليدها، وتكمن أهمية الحب في احتياجنا إليه، لأنه أزال شعورنا بالوحدة، وبدَّد جميع مخاوفنا وقلقنا ويأسنا، وأصبحنا بسببه قادرين على رؤية الجانب الطيب الخيِّر في كل الناس، وما أحوج الإنسان المعاصر إلى الحب، فهو ضائع في الزحام البشري مثل ترسٍ صغير في عجلة هائلة الحجم، فنحن نعيش في مجتمع العرض والطلب، ومجتمع الألم، والأقراص المنوِّمة، والحبوب المهدئة.
ويعد الحب حلقة الوصل بيننا وبين الواقع فهو يربطنا به، ولكننا في نفس الوقت نحتاج إلى الحب لنهرب من الواقع، ولذا فإن الحب يؤدي إلى التوازن النفسي والبيولوجي، وبالتالي إلى التوازن الأخلاقي، ولهذا فالحب يُقوِّم المنحرف، ويهذِّب الشاذ، وذلك بالطبع حينما يكون لديهم الاستعداد لذلك، ولأن الحب منافٍ ومناقضٍ للأنانية فلا يعم الخير إلا من خلال الحب، ولهذا يصبح الطموح الأسمى للبشرية بأسرها هو الحب حين تريد لنفسها ولمستقبلها خيرًا.
الحب تجربة استيعابية شاملة مركزها جوهر الإنسان وذاته ووعيه، والقادرون على الحب قليلون مثل كل شيء ثمين، فالحب يحتاج إلى مؤهلات معينة، ولهذا فإن تجربة الحب الحقيقي لا يقوى عليها إلا إنسان صادق، وهذا هو الشرط الأول والأساسي في الحب، ولا يمكن أن يتحقق حب بين اثنين إلا إذا تحرَّك كلٌّ منهما من الداخل، من مركز الوعي، وإن لحظة الصدق التي يشعرها كل منهما ناحية الآخر في لحظة اللقاء الأول هي التي تحدِّد مصير العلاقة بعد ذلك، ولذا يجعلنا الحب أناسًا حقيقيين، قادرين على اتخاذ قرارات حقيقية صادقة، ومن هذا الأساس يكون الإنسان الحقيقي هو من يدافع عن حبه، ويحافظ عليه، ويناضل من أجله، وهذا ما يجعل الحب الحقيقي يستمر مدى الحياة.
الفكرة من كتاب معنى الحب
يعدُّ الحب من أكثر الأمور التي تحيط بحياة الإنسان غموضًا، فمن الصعب الحصول على معنى شامل يصفه، إذ تجد كل شخص يتفنَّن في وضع معنى جديد له، وهذا يجعلنا نتساءل: هل الحب وهم جميل يبدو من صِدقِه وكأنه واقع؟ أم هو حلم رائع يبدو من وضوحه وكأنه حقيقة؟
وخلال السطور القادمة ستعرف ما الحب؟ وما معناه؟ وستجد إجابات عن تساؤلاتك مثل، هل نحب بالقلب أم بكل الجسد؟ وهل يحب الإنسان ليعيش أم يعيش ليحب؟ وإذا كان الحب عطاءً مطلقًا فهل يستطيع الأناني أن يحب؟ وهل تتشابه تجارب الحب أم أن كل تجربة فريدة مستقلة لا يمكن مقارنتها بحب آخر؟
مؤلف كتاب معنى الحب
عادل صادق عامر عبدالله (1943-2004): هو كاتب وطبيب نفسي مصري، وُلد بالقاهرة عام 1943، حصل على زمالة الكلية الملكية بلندن، وزمالة الجمعية الأمريكية للطب النفسي، كما شغل منصب الأمين العام لاتحاد الأطباء النفسيين العرب، ورئيس تحرير مجلة “الجديد” في الطب النفسي، وكتب العديد من المقالات لصحيفة “الأهرام”، وتُوفي في عام 2004 عن عمرٍ يُناهز الستين، بعد أن ترك لنا إرثًا من روائع كتاباته.
ومن أهم مؤلفاته: “مشكلات عاطفية”، و”في بيتنا مريض نفسي”، و”من أنا؟ من أنت؟ من هو؟”، و”كيف تصبح عظيمًا”، و”متاعب الزواج”، و”الزوج أول من يشكو”، و”امرأة في محنة”، و”حب بلا زواج وزواج بلا حب”، و”الألم النفسي والعضوي”، و”أزواج وزوجات أمام الطبيب النفسي”.