مراكز الفكر والتوازن!
مراكز الفكر والتوازن!
تواجه هذه المراكز الدخيلة على مؤسسات المجتمع السياسية والاقتصادية والتعليمية تحديًا كبيرًا من حيث حفاظها على توازنها وبقائها فاعلة غير متجاوزة خطوط تدخلاتها المفترضة، محافظة على مناطق عملها الخاصة بها حتى تتمكَّن من التمتع بأكبر قدر من الاستقلالية والنزاهة، إلا أن مغريات كسر هذا التوازن كثيرة ومحفزة؛ وبخاصةٍ عندما يتعلَّق الأمر بالمشاركة السياسية والعمل الديمقراطي وعروض التمويل الكبيرة التي تهدِّد جوهر عمل هذها لمراكز وتقدح في إسهاماتها.
ولخلق حالة من التوازن المنشود بين هذه المراكز ورأس المال ينبغي لها تحديد حاجاتها التمويلية، والتفريق بين التمويل العام والتمويل الخاص لحماية استقلاليتها الفكرية، وهذا ممكن إذا ذهبت إلى ما ذهبت إليه بعض المراكز الأوروبية من العمل على تنويع مصادر الدعم لتجنُّب فكرة الانصياع فكريًّا لتوجهات الجهات الممولة وعدم التسليم لها في كل ما تطلبه، بصورة لا تسمح لهذه الجهات الممولة تقييد عمل هذه المراكز والحد من حريتها وقدرتها على الابتكار والتجديد.
وهذا ربما ما أراد “تيري بيش” التنبيه له في كتابه “جمهورية الأفكار” عندما نبَّه إلى حقيقة وجود حالة من استعباد النخب المموِّلة لمراكز الأبحاث، وتوجيه مخرجاتها بحكم سلطة المال في قوله: “يجب أن نتحمل عددًا من التوترات بين آداب البحث وآداب المشاركة والتدخل، أعتقد أنه من المفيد للديمُقراطية وللمداولات والتعدُّدية أن يكون هنالك بعض منتجي الأفكار الذين ينخرطون في الفضاء الديمقراطي، ولكن عليهم أن يتنكَّبوا المسؤولية كاملة وعلى المكشوف”.
الفكرة من كتاب مراكز الفكر – أدمغة حرب الأفكار
كانت الأفكار ولا تزال محرك التاريخ الإنساني في مختلف مجالاته وفنونه، ومؤثرًا محوريًّا في شتى ظواهره وشؤونه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية والثقافية والدينية، حتى بلغ تأثيرها أبواب المختبرات والمجامع العلمية، عدا أنها كانت محركًا لحروب عدة ونزاعات دامية دامت سنواتٍ وعقودًا، فحكمت بطي صفحات من التاريخ وابتداء أخرى.
وسنجد في هذا الكتاب حديثًا مشابهًا عن أهمية الفكرة في إدارة الصراع؛ وكيف استفادت كثير من الدول الأوروبية من الأفكار؟ وكيف استطاعت من خلالها تغيير مسارات التاريخ مرات عديدة؟ وكيف تحوَّلت إلى مراكز ومؤسسات قائمة بذاتها تستقطب أطراف الصراع والتمويل، وتسوس القرار وتوجه مؤسسات المجتمع.
مؤلف كتاب مراكز الفكر – أدمغة حرب الأفكار
ستيفن بوشيه: مدير مساعد “Notre Europe”، وهو مركز فكر متخصِّص بالمسائل الأوروبية، وقد عمل مستشارًا لدى وزيرة النقل البلجيكية، ومستشارًا لأروقة الضغط في بروكسل ولندن، وأستاذًا محاضرًا في معهد العلوم السياسية في باريس.
مارتين رويو: صحفية اقتصادية، تعاونت مع وكالة الصحافة الفرنسية ومع “Nouvel Economiste” كرئيسة للقسم الخارجي ومراسلة، إضافة إلى عملها منسقة أعمال القطاع الفرنسي في منظمة العفو الدولية في البلقان.
معلومات عن المترجم:
ماجد كنج: مترجم، وله عدد من الكتب المترجمة الأخرى، ومنها: “مصادر الطاقة المستقبلية.. الهيدروجين وخلايا الوقود والتوقعات لكوكب أنظف” من تأليف: بيتر هوفمن.