ملامح وخطوط عامة
ملامح وخطوط عامة
لطالب العلم عالي الهمة خطوط وملامح مميزة لشخصيته، أولها أنه عبد رباني يتلقَّى منهجه من ربه سبحانه كتابًا وسنة، لا من عادات ولا من تقاليد ولا من صيحات وموضات ولا من أنظمة وأحزاب، معلمه ومربيه كتاب ربه ومرشده وهاديه سنة نبيه، وبعد أن يتعلم، يعلم ويبلغ للناس بعد أن يتشرَّب معانيهما، والربانية فيها ملمح من ملامح التربية والتربية لا تأتي فجأة بين ليلة وضحاها، فكلنا يتصور تصورًا مثاليًّا زائفًا عن الإيمان والعلم، نعتقد أنه بمجرد رغبتنا فيها ستهبط علينا أنوار ربانية من السماء وستحدث معجزة ما، بل لا تنال المعاني هكذا، فالقرآن نفسه نزل منجمًا مفرقًا ولم ينزل مرة واحدة ليتربى الجيل الأول ونتربى نحن تدريجيًّا شيئًا فشيئًا على تشرُّب وتقبُّل معانيه وتشريعاته وقصصه، فمعنى التربية والتدرُّج مبثوث في آيات الله الكونية والقرآنية وسنة من سنن الله سبحانه.
وهنا يأتي ملمح آخر لهذه الشخصية، وهو كثيرًا ما يُفهم بشكل خاطئ وهو ملمح السلفية بمعناها الأصلي الصحيح، فطالب العلم السائر إلى ربه سائر على خطى من قبله لا يبتدع طريقة ولا يؤلف منهجًا لأن ذلك الجيل هو أقرب منا إلى زمان التنزيل وهو جيل النبي والذين يلونهم، والذين يلونهم من بعدهم، ووسمهم النبي بوسم الخيرية فقال: “خَير الناس قَرْنِي، ثُم الَّذين يلونهم، ثُم الَّذين يَلُونَهُمْ…”، وليس هذا من فراغ كما قلنا وإنما لمعاصرتهم وقربهم من زمان التنزيل ومعايشتهم لمعاني الإسلام في صفائها الأول، واقتدائهم بالصحابة وتحكيمهم للكتاب والسنة، فالسلفية معنى واسع وشامل ليس كما يروِّج له أو يشوِّش عليه المنتمون إليه.
كثيرًا ما يقترن الإيمان بالعمل في آيات القرآن الكريم، وهنا يأتي ملمح شخصية طالب العلم الثالث، ألا وهو ملمح الحركية، وهي أيضًا معنى واسع يدخل تحته الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعمل في الدعوة بمختلف طرقها ووسائلها وبذل النصيحة وتعليم العلم النافع ونشره والعمل على نشر العدل ورفع الظلم وإقامة المجتمعات الإسلامية على منهاج مستقيم صغيرها وكبيرها، وغيرها كثير وكلٌّ بحسب ما يفتح الله عليه.
هذه الملامح الثلاثة: الربانية، والسلفية، والحركية تعمل مجتمعة ولا يُتصوَّر وجود ملمح واحد منها في شخصية طالب العلم السالك إلى الله دون الملمح الآخر، فسالك رباني فقط سينحرف إلى التصوف والعزلة شيئًا فشيئًا، وسالك سلفي فقط سيسجن في مسائله وفتواه وقضاياه ويهمل الحركة، وسالك متحرك عامل فقط مهمل في تغذية روحه مضيِّع لمنهج سلفه سيتحول إلى سياسيٍّ أو إداريٍّ فقط، والأمثلة على ذلك على مر التاريخ الإسلامي وفي عصرنا الحالي كثيرة واضحة لمن أراد أن يعتبر.
الفكرة من كتاب الخطَّة البرَّاقة لذي النفس التوَّاقة
كثيرًا ما نرغب في سلوك طريق الاستقامة، أن ننضم إلى ركب السائرين إلى الله الساعين في مرضاته أصحاب الهمم العالية وأن نموت على ذلك، يأتينا خاطر: “إلى متى هذا التخبُّط، وكيف نبدأ بداية صحيحة، وإلى من نذهب ليدلَّنا على الطريق؟”، ويأتي هذا الكتاب ليدلَّ كل طالب علم وسالك لطريق الحق على البداية ويرسم له الخطوط العامة ويبصره بما له وما عليه ويساعده على بناء منهجه وتنظيم يومه، وهو في هذا مبني على أساس من الكتاب والسنة، وهما الأصل والمنطلق لمن يطلب سيرًا بغير ضلال ولا اعوجاج.
مؤلف كتاب الخطَّة البرَّاقة لذي النفس التوَّاقة
صلاح الخالدي: كاتب أردني أزهري الدراسة الثانوية، تعلم في كلية الشريعة ثم درس الماجستير في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وكانت رسالته التي أعدها بعنوان “سيد قطب والتصوير الفني في القرآن”، فقد كان متأثرًا تأثرًا كبيرًا بالشيخ سيد قطب، بكتاباته على الأصح، فلم تكن بينه وبين الشيخ علاقة شخصية.
ومن أبرز مؤلفاته:
لطائف قرآنية.
صور من جهاد الصحابة.
ثوابت المسلم المعاصر.