ارتقاء الصداقة
ارتقاء الصداقة
إن الارتقاء هو التغير التدريجي في الكائن، ويُعدُّ مفهوم الارتقاء عميقًا جدًّا، فهو يشمل التغيرات الجزئية والكلية في الأهداف والغايات، وهناك تغيرات عمرية تطرأ على خصائص علاقة الصداقة بدءًا من الطفولة إلى الشيخوخة، ففي الطفولة عندما يعقد الطفل علاقات مع الغرباء الذين في مثل عمره، تكشف قدراته عن نفسها من خلال تكوين جماعات اللعب، ويزيد عنده النشاط اللغوي، ويظهر هذا التطوُّر في الكلام حينما يوجِّه أسئلة إلى الراشدين ويحاول حلَّ خلاف الأصدقاء.
أمَّا المُراهق فهو يسعى نحو العمق والشدَّة والاستقرار، فلا يكون متسرعًا وسطحيًّا، وتتميَّز صداقته أن فيها قربًا نفسيًّا بينه وبين أقرانه، ومن الممكن أن تزيد نسبة حساسيته من المجتمع فيصبح خائفًا من أن يرفضه أحد، ولكن العلاقات الاجتماعية بصفة عامة هي التي تكفل للفرد إنسانيته.
وفي مرحلة الرشد (التي تكون ما بين المراهقة والشيخوخة وهي أطول المراحل العمرية)، هناك ميل واضح إلى الارتباط بالآخرين في أوائل سن الرشد، ثم تبدأ هذه الرغبة بالتقلُّص بسبب الالتفات إلى النجاح في الحياة العملية، ويبرر البعض أن هذه الرغبة تتقلَّص لأن الراشدين يعتبرون صداقاتهم القديمة أكثر مودة وعمقًا فيعزفون عن تكوين صداقات جديدة، ولكن هذا لا يعني أن العلاقات الاجتماعية ليست مهمَّة في حياتهم، بل هي سبب للاستقرار النفسي، حيث إن الأشخاص الذين لم يتمتَّعوا بعلاقات اجتماعية وزوجية وعائلية ناجحة يكونون عرضة لمشاعر اليأس والاكتئاب، أمَّا المسنون فمعظم اتصالاتهم تكون مع الأبناء والأحفاد والأقارب، فهم يستمدُّون الدعم من هذه العلاقات.
ولكن مع هذا فالصداقة تُعدُّ مهمَّة لهم، إذ إنها ترفع من روحهم المعنوية وتمدُّهم بوقت أمتع، وما زالت مرحلة المسنِّين تحت البحث والدراسة بخصوص موضوع الصداقة وخصائصها.
الفكرة من كتاب الصداقة من منظور علم النفس
تحظى الصداقة باهتمام كبير في المجتمع، فالصداقة هي مصدر الدفء في حياتنا ولها تأثير نفسي فينا منذ الصغر، وعلاقة الصداقة تتميَّز عن أي علاقة أخرى، حيث إنها مصدر من مصادر الأمان الحقيقي للشخص منذ طفولته وحتى الشيخوخة، كما أنها قائمة على التفاهم والتقبُّل التام، أي : أنا أُحبُّك لأنك صديقي هكذا بكل ما بك!
مؤلف كتاب الصداقة من منظور علم النفس
الدكتور أسامة سعد أبو سريع: أستاذ مُساعد بقسم علم النفس في جامعة القاهرة، وهو مصري الجنسية ولد في محافظة الجيزة بتاريخ 25 /6 عام 1957، وله العديد من الأوراق العلمية المنشورة والمحاضرات والبرامج التدريبية، فضلًا عن نشاطاته المتعددة في خدمة المجتمع.
من أهم مؤلفاته: “دليل الباحثين إلى المفاهيم النفسية في التراث”، و”علم النفس الاجتماعي”، و”معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية”.