مذاهب علم الأخلاق
مذاهب علم الأخلاق
إن الأخلاق قضيَّة نسبية لا يمكن الجزم فيها بالخير والشر المُطلق وإخضاع جميع وجهات النظر لهذا الحُكم، وعلى ذلك اختلفت مذاهب المقياس الأخلاقي باختلاف العلماء، وأوَّل المذاهب الأخلاقية التي تحدَّث عنها الكاتب هو مذهب السعادة الذي يحكُم على الخُلق بالخير إذا حقَّق أكبر قدر من اللذة وأقل قدر من الألم، وقُسَّم هذا المذهب إلى نظريتين تبعًا للمُستهدف من هذه السعادة؛ الأولى تعود إلى أبيقور الذي اعتمد مذهب السعادة الشخصية، وهو يُفضِّل اللذة العقلية على الجسدية لأن اللذة الجسدية وقتية، ويقول: إن خير اللذائذ هو هدوء البال وطمأنينة النفس، لكن يرى العلماء أن عيب هذا المذهب أنه يدعو إلى تفضيل مصلحة الذات فحسب، ويردُّ الفيلسوف الإنجليزي هوبز على ذلك بأن حب الذات والأثرة فطرة يجب أن نُسايرها، أما النظرية الثانية من مذهب السعادة فتستهدف السعادة العامة، أو ما يُعرف بـ”مذهب المنفعة العامة” الذي يحكُم بالخير على العمل إذا رجحت منافعه للناس والحيوان على مضرَّاته، وهو مذهب يُحترم لكنَّه صعب التطبيق، حيث يصعُب على المرء إدراك كل ما ينتج عن فعله من خير وشر على جميع الصُعد، نفسه والعامة والإنسان والحيوان إلا ما يرجع إلى أصول المجتمع وثوابته، كالصدق فهو خير والكذب شرٌّ قطعًا.
وعيبُ مذهب السعادة على قسميه، صعوبته ووضاعة الغاية منه، حيثُ إنَّه يسعى للذَّة كغاية أولى، بالإضافة إلى أنَّه يسعى للذَّة الأكبر لا الأشرف، وتأتي صعوبة تطبيقه من اختلاف أنواع اللذائذ من شخص إلى آخر.
أمَّا المذهب الثاني فهو مذهب اللقانة أو البصيرة، والتي تُعرَّف بأنها قوة غريزية في النفس تعرف الخير والشر لصفات ذاتية فيهما، لا فيما نتج عنهما، وهو مذهب شريف يثق في طبيعة الإنسان وفطرته؛ وفقًا له تظل الفضيلة فضيلة دون النظر إلى ما نتج عنها،ولكنَّ عيبه هو اختلاف الحُكم على الأشياء بين الناس، ففي إسبرطة مثلًا كانت السرقة عملًا ممدوحًا، وفي داهومي كان القتل واجبًا من الواجبات!
وعلى الرُغم من ذلك فهو أكثر المذاهب ملاءمة للنفس البشرية، لأنه يسعى للفضيلة واتباع الفطرة والضمير، بينما مذهب السعادة مذهب بهيمي يختصر الغاية من الأعمال في تحصيل اللذائذ.
الفكرة من كتاب كتاب الأخلاق
هذا الكتاب هو مشروع تربوي مُتكامل يُوجِّه كل المُواطنين، الأب والابن؛ المعلم والمتعلم، إلى المنهج السليم للأخلاق الحسنة، ويقدِّم شرحًا مُبسَّطًا لماهية علم الأخلاق وأسسه ومبادئه، ومقاييسه التي يُقاس بها، ويُشعل الهمم للعمل واكتساب الفضيلة بصورة عملية يمكن الاستفادة منها بعيدًا عن الجهة النظرية التي تخصُّ الفلاسفة.
مؤلف كتاب كتاب الأخلاق
أحمد أمين: كاتب وأديب ومفكر مصري وُلد في القاهرة وتدرَّج في تعليمه من الكُتَّاب إلى الأزهر حتى وصل مدرسة القضاء الشرعي ليعمل بعدها قاضيًا، ثم عمل مُدرسًا في كلية الآداب جامعة القاهرة بمشورة طه حسين حتى عُيِّن عميدًا لها، وأنشأ مع زملائه “لجنة التأليف والترجمة والنشر”، ومجلتي “الرسالة” و”الثقافة”، واشتهر بمؤلفاته في أبواب التربية والفكر والإصلاح مثل: كتاب “علمتني الحياة”، و”إلى ولدي”، وله سلسلة كتب تأريخية مشهورة عن الإسلام هي: “فجر الإسلام”، و”ضحى الإسلام”، و”ظهر الإسلام”.