الصورة التي نعرفها
الصورة التي نعرفها
بتلك الجهود المُباركة بدأت أمارات الجيل الجديد في الظهور، أولها تأسيس الدولة الزنكية على يد عماد الدين زنكي الذي اجتمع حوله أصحاب المدارس الإصلاحية، فتميَّزت هذه الدولة بسياسة جديدة أعدَّت شعبًا مصبوغًا بصبغة إسلامية، فقد شاع العدل ورُفع الجهل وتكاملت القيادات السياسية والفكرية.
وفي عهد نور الدين زنكي كان والد صلاح الدين أحد الضباط في جيش نور الدين، وقد كان صلاح الدين في بداية حياته شابًّا عاديًّا حتى انضمَّ إلى مُعكسر عقدي مع عمه أسد الدين شيركوه، وهنا كانت مرحلة التحوُّلات النفسية والفكرية لصلاح الدين، فتبدَّلت شخصيته وصيغت بصورة جديدة تملؤها الحمية والشجاعة لدين الله تعالى، وبهذا الحدث نرى كيف أن من عرف الدين الإسلامي بحق تبدَّلت أحواله إلى كل خير وعِز، ونرى كيف أنه لو توافر للشباب البيئة التي تساعدهم في النهوض والتغيير لتغيَّرت أحوالهم، وأنه كلما ظهر الجشع والترف والاحتكار والظُلم ظهرت تلك النفوس المُضللة الضالة، وأن كل السياسات الظالمة تترك آثارها في الشخصيّة المُسلمة، فإما يهرب الناس إلى عالم الغيب الحالم وتنتشر الصوفية، وإما أن تغرق في المادية فتنسى الغاية والمقصد من هذه الحياة.
وغيرها من الدروس والعِبر، التي قد جمعها الكاتب وسمَّاها قوانين التاريخ، فذكر منها أنه بصحة الفكر أو مرضه تصح المُجتمعات أو تمرض، وأنه كلما فشلت محاولات الإصلاح لا بد من مراجعة تربوية شاملة نفهم من خلالها مواطن الضعف والخطأ، فنبدأ بتقوية مواطن الضعف وتصحيح الأخطاء، وهذا هو المفهوم الأوسع للتوبة.
هذا ما تحتاج إليه المجتمعات الإسلامية، توبة من الأفكار والمشاعر الخاطئة، وهذه التوبة بحاجة إلى وقوف طويل وتأمُّل عميق يهتدي فيها الإنسان إلى الأفكار الصحيحة، كما فعل الغزالي في عزلته.
الفكرة من كتاب هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس
حينما نتحدَّث عن تحرير القُدس تبدأ الأشجان في تذكُّر صلاح الدين، ويتساءل الناس دومًا: أين صلاح الدين الآن؟! والسؤال الحقيقي الذي لا بد أن نسأله لأنفسنا، هل الذي حرَّر القُدس كان صلاح الدين وحده؟ وهل ظهر صلاح الدين فجأة بين المُسلمين فقاموا معه؟ أم أن هُناك آلاف صلاح الدين قبل صلاح الدين نفسه؟ وهذه هي الحقيقة الكُبرى التي تغيب عنَّا! فلم يُحرِّر صلاح الدين القدس وحده، بل حرَّرها كثيرون قبله بعشرات السنين حين بدؤوا في تهيئة الجيل الذي ظهر فيه صلاح الدين، فحرَّروه فكريًّا ونفسيًّا وعقديًّا.. في كتابنا قدَّم لنا الكاتب أحداث ما خلف الستار التي من خلالها نعرف صلاح الدين مُحرِّر القُدس.
مؤلف كتاب هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس
ماجد عرسان الكيلاني: مُفكِّر ومُؤرِّخ وتربوي أُردني، وُلِد عام 1932م، وحصل على شهادة الماجستير في التاريخ الإسلامي من الجامعة الأمريكية في بيروت، وشهادة الماجستير في التربية من الجامعة الأردنية، وشهادة الدكتوراه في التربية من جامعة بتسبرغ في بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية.
حصل الدكتور ماجد الكيلاني على عديدٍ من الجوائز والتكريمات من دول العالم المُختلفة، منها: جائزة الفارابي العالمية للعلوم الإنسانية والدراسات الإسلامية، وتوفِّي في عام 2015 م، بعد أن قدَّم الأفكار الكبيرة والأعمال الضخمة التي تُصحِّح للأمة الإسلامية مسارها.
ومن مؤلفاته:
“فلسفة التربية الإسلامية”، و”الخطر الصهيوني على العالم الإسلامي”، و”رسالة المسجد”، و”صناعة القرار الأمريكي”.