بدايات الشروق
بدايات الشروق
هل تظن أن يخرج النور بين هذا الظلام؟ هل تعتقد أن مجتمعًا بهذا الحال سيكون حُرًّا يومًا ما؟ إن الله (عزَّ وجل) جعل بعد الليل الشديد شروقًا هادئًا، وها هو الصبح قد بدأ في الظهور، وها هي المراحل الأولى للإصلاح قد بدأت في الظهور!
إن عملية التغيير مرَّت بمرحلتين، هما: التغيير في الطابع السياسي مع قادة الدولة السلجوقية، والتغيُّر الفكري والمعتقدي الذي كان له الدور الأكبر في عملية الإصلاح.
فحينما تسلَّم السلاجقة المهام الإدارية في بغداد أقاموا عددًا من المدارس والجامعات في المدن والقُرى، وقد عُرِفت تلك المدارس بالمدارس النظامية نسبة إلى الوزير نظام المُلك، ومما لا شك فيه أن غرض الدولة كان دنيويَّا حينها، إلا أن الوزير نظام المُلك نشر التعليم الصحيح بين الناس، فعنَّفه السلطان ملك شاه ولامه، فبدأت الأحوال تسوء بينهما، وقُتل الوزير نظام المُلك وقد اتُّهم مُلْكُ شاه بتدبير اغتياله.
فبدأ العُلماء بالانسحاب واعتزلوا بيئة الشهوات والشبهات، واشتغلوا بخاصَّة أنفسهم، إلا عالمًا واحدًا، هو الإمام أبو حامد الغزالي.
كان الإمام الغزالي أحد العُلماء المُعلمين في المدارس النظامية، وحينما قُتل نظام المُلك انسحب واعتزل، إلا أن انسحابه وعزلته أعاداه بحركة إصلاحية كبيرة، كان لها الدور الأكبر في تصحيح الأفكار والمعتقدات.
وفي فترة انعزاله راجع الإمام الغزالي كل الأفكار والتصوُّرات والمعتقدات التي تلقاها سابقًا، وقارن بين “الإسلام” الذي في القرآن والسُنَّة، و”الإسلام” الذي أفرزته الجماعات والمذاهب، وقوَّم سلوكه واتجاهاته حتى كوَّن لنفسه منهجًا خاصًّا استضاءت بصيرته به، وكان نتاج تلك الرحلة كتابه “المُنقذ من الضلال”، وعندما عاد الغزالي إلى المجتمع مرة أُخرى بدأ في عقد مجالس الوعظ والتدريس، حتى كوَّن مدرسته الخاصة.
الفكرة من كتاب هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس
حينما نتحدَّث عن تحرير القُدس تبدأ الأشجان في تذكُّر صلاح الدين، ويتساءل الناس دومًا: أين صلاح الدين الآن؟! والسؤال الحقيقي الذي لا بد أن نسأله لأنفسنا، هل الذي حرَّر القُدس كان صلاح الدين وحده؟ وهل ظهر صلاح الدين فجأة بين المُسلمين فقاموا معه؟ أم أن هُناك آلاف صلاح الدين قبل صلاح الدين نفسه؟ وهذه هي الحقيقة الكُبرى التي تغيب عنَّا! فلم يُحرِّر صلاح الدين القدس وحده، بل حرَّرها كثيرون قبله بعشرات السنين حين بدؤوا في تهيئة الجيل الذي ظهر فيه صلاح الدين، فحرَّروه فكريًّا ونفسيًّا وعقديًّا.. في كتابنا قدَّم لنا الكاتب أحداث ما خلف الستار التي من خلالها نعرف صلاح الدين مُحرِّر القُدس.
مؤلف كتاب هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس
ماجد عرسان الكيلاني: مُفكِّر ومُؤرِّخ وتربوي أُردني، وُلِد عام 1932م، وحصل على شهادة الماجستير في التاريخ الإسلامي من الجامعة الأمريكية في بيروت، وشهادة الماجستير في التربية من الجامعة الأردنية، وشهادة الدكتوراه في التربية من جامعة بتسبرغ في بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية.
حصل الدكتور ماجد الكيلاني على عديدٍ من الجوائز والتكريمات من دول العالم المُختلفة، منها: جائزة الفارابي العالمية للعلوم الإنسانية والدراسات الإسلامية، وتوفِّي في عام 2015 م، بعد أن قدَّم الأفكار الكبيرة والأعمال الضخمة التي تُصحِّح للأمة الإسلامية مسارها.
ومن مؤلفاته:
“فلسفة التربية الإسلامية”، و”الخطر الصهيوني على العالم الإسلامي”، و”رسالة المسجد”، و”صناعة القرار الأمريكي”.