آثار الفساد الفكري في الاقتصاد والمجتمع
آثار الفساد الفكري في الاقتصاد والمجتمع
حين ينهار الفهم العقدي الصحيح وينحرف الفِكر بالناس، تبدأ كل المجالات الأخرى في الانهيار، فقد تأثَّر الوضع الاقتصادي بتلك الأحوال، وذلك لأن الحياة الاقتصادية تعتمد على التصور العقلي الذي يضبط طرق الكسب وطرق الإنفاق، لذلك نلاحظ في القُرآن أنه صرف الناس عن التفكير في مصادر الرزق، ووجَّه تفكيرهم إلى مراعاة الكسب والإنفاق الحلال.
فنرى خلال تلك الفترة كيف أن وسائل الكسب كانت غير مشروعة، ففرضت الدولة الضرائب، ورفع التجار الأسعار، فقد وصف ابن تغري الأوضاع في عام 449 هـ، وقال إن البيضة بيعت بدينار، وإردب القمح -نحو 150 كيلو- بمائة دينار”.
أما وسائل الإنفاق فقد صارت لشهوات المُترفين والأغنياء والسلاطين، وصار جماهير المُسلمين جياعًا فقراء، وانتشرت الأوبئة مثل الطاعون.
أما الحياة الاجتماعية فقد كان فسادها ظاهرًا في انشغال كل فرد بقضاياه اليومية الصغيرة، مثل مأكله ومشربه ومأواه، بل والانشغال باللهو وتلبية الشهوات، وصار كل من يتحدث عن الأخلاق أو القيم يعيش في عالم آخر أو في خياله الخاص، واقتصرت الممارسات الدينية على تأدية الشعائر والعبادات بصورة ظاهرة، وغاب الدين في المُعاملات والعلاقات، ففسدت الأخلاق وضاعت الحقوق.
وبلا شك أمام هذا الضعف والهشاشة الداخلية تمكِّن الأعداء في الخارج من الدخول إلى أرض المُسلمين، بل وقد ظهرت الدولة الفاطمية التي تحالفت مع الحركة الباطنية الإسماعيلية فثارت الفتن وظهرت الصراعات التي تستنفد الطاقات المادية والبشرية، فهاجم الصليبيون أراضي الإسلام وسيطروا عليها، وارتكبوا الفظائع في القدس ولبنان وسواحل سوريا، وراح عدد كبير من القتلى المُسلمين، وقد استنجد أهل الشام بالخلافة العباسية إلا أن الحُكَّام في هذه الفترة آثروا مصالحهم الخاصة ورفاهية حياتهم على جماعات المُسلمين.
الفكرة من كتاب هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس
حينما نتحدَّث عن تحرير القُدس تبدأ الأشجان في تذكُّر صلاح الدين، ويتساءل الناس دومًا: أين صلاح الدين الآن؟! والسؤال الحقيقي الذي لا بد أن نسأله لأنفسنا، هل الذي حرَّر القُدس كان صلاح الدين وحده؟ وهل ظهر صلاح الدين فجأة بين المُسلمين فقاموا معه؟ أم أن هُناك آلاف صلاح الدين قبل صلاح الدين نفسه؟ وهذه هي الحقيقة الكُبرى التي تغيب عنَّا! فلم يُحرِّر صلاح الدين القدس وحده، بل حرَّرها كثيرون قبله بعشرات السنين حين بدؤوا في تهيئة الجيل الذي ظهر فيه صلاح الدين، فحرَّروه فكريًّا ونفسيًّا وعقديًّا.. في كتابنا قدَّم لنا الكاتب أحداث ما خلف الستار التي من خلالها نعرف صلاح الدين مُحرِّر القُدس.
مؤلف كتاب هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس
ماجد عرسان الكيلاني: مُفكِّر ومُؤرِّخ وتربوي أُردني، وُلِد عام 1932م، وحصل على شهادة الماجستير في التاريخ الإسلامي من الجامعة الأمريكية في بيروت، وشهادة الماجستير في التربية من الجامعة الأردنية، وشهادة الدكتوراه في التربية من جامعة بتسبرغ في بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية.
حصل الدكتور ماجد الكيلاني على عديدٍ من الجوائز والتكريمات من دول العالم المُختلفة، منها: جائزة الفارابي العالمية للعلوم الإنسانية والدراسات الإسلامية، وتوفِّي في عام 2015 م، بعد أن قدَّم الأفكار الكبيرة والأعمال الضخمة التي تُصحِّح للأمة الإسلامية مسارها.
ومن مؤلفاته:
“فلسفة التربية الإسلامية”، و”الخطر الصهيوني على العالم الإسلامي”، و”رسالة المسجد”، و”صناعة القرار الأمريكي”.