النموذج الحضاري الغربي
النموذج الحضاري الغربي
إن أي نموذج حضاري ينتمي إلى بقعة جغرافية محددة نشأ فيها، وله تاريخ انطلق منه، ويقوم على رؤى وتصورات تكمن وراءها اتجاهات هذا النموذج وأهدافه ونواياه. ويرى الكاتب أن النموذج الغربي يتم التعامل معه كاستثناء للقاعدة، وهناك إصرار لا مثيل له حتى يحمل صبغة العالمية، ليكتسب بذلك حقًّا غير مشروع في أن يكون وحده فقط صالحًا لكل زمان ومكان، وما هو غيره من نماذج فمكانه رف الأنتيكات، لتصبح السمة الأساسية لكل المشروعات الإنسانية، رغم تنوعها واختلافها وتنافسها بل وتصارعها، أنها جعلت الغرب نقطة مرجعية نهائية ومطلقة، وأخذت تنظر إلى نفسها من منظور غربي وإلى مستقبلها بعين لا ترى سوى القطار الغربي الذي سبقها وعليها اللحاق به.
وأخذ يؤيد رؤيته بذكر تحيزات هذا النموذج للمادي والمحسوس والكمي والموضوعي والعام والبسيط والواحدي المتجانس على حساب أضداد ذلك. كما تناول تحيز النموذج الغربي المادي إلى كل ما يسهل عليه التحكم الإمبريالي، مثل اللا غائية والعمومية والواحدية المادية والاستمرارية واللغة الرياضية. فما تطبق عليه الواحدية المادية، أي ما يتم ترشيده وضغطه في إطار مادي، يمكن اختزاله وتبسيطه وتنميطه وإدخاله شبكة السببية البسيطة الصلبة، وفي النهاية إمكانية توظيفه لينسجم مع الرؤية الغربية العامة ويساهم في فرضها كرؤية عالمية. ونرى معه كيف تكونت هذه التحيزات وكيف تؤثر في فاعلية هذا النموذج وقدرته على التفسير ومدى مناسبته لطبيعة الكون وما فيه من حياة.
ففي الوقت الذي نجح فيه هذا النموذج على المستوى العلمي المادي وسالت فيه الاختراعات، وأظهر تمكنًا كبيرًا من الجوانب الإدارية والتنظيمية، تهالكت الأسرة ومعها قيم المودة والتعاطف والرحمة، وتحول الكون بأسره إلى مادة استعمالية لا حرمة لها ولا قداسة بما فيه الإنسان.
الفكرة من كتاب العالم من منظور غربي
هل تعيش السمكة خارج الماء، أو يعيش الفيل على أغصان الأشجار؟! هل يمكن تعميم سمات بيئة معينة لتصبح فرضًا على الجميع وإذا فكر أحدهم في التخلي عنها يتم إتهامه بالتخلف والجهل والرجعية؟! هل يجدر بالعالم أن يرتدي كله ثوبًا واحدًا والأصل فيه تعدد الألوان والأنواع والأشكال؟
كل هذه الأسئلة وأكثر ستجدها في هذا الكتاب ضمن مناقشات وافية وأمثلة توضيحية شاملة وأفكار رصينة ترسم الصورة وأسلوب دقيق يلون تفاصيلها.
مؤلف كتاب العالم من منظور غربي
د.عبد الوهاب محمد المسيري (١٩٣٨ – ٢٠٠٨) هو مفكر وعالم اجتماع وكاتب مصري. تخرج في كلية الآداب جامعة الإسكندرية بقسم اللغة الإنجليزية عام ١٩٥٩ ليتعين معيدًا فيها. حصل على درجة الماجستير في الأدب الإنجليزي المقارن عام ١٩٦٤من جامعة كولومبيا وعلى الدكتوراه من جامعة رتجرز عام ١٩٦٩ وذلك خلال سفره للولايات المتحدة الأمريكية. وبعد عودته إلى مصر درَّس في جامعة عين شمس وعدة جامعات عربية أهمها جامعة الملك سعود. صدرت له عشرات الدراسات عن إسرائيل والحركة الصهيونية، ويعتبر واحدًا من أبرز المؤرخين العالميين والمتخصصين في الحركة الصهيونية.
ومن أهم أعماله موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية أحد أكبر الأعمال الموسوعية العربية في القرن العشرين.