إنكار النكبة ومحو ذكراها
إنكار النكبة ومحو ذكراها
بعد الحرب وعمليات التطهير العرقي، تفرَّق مئات الآلاف من الفلسطينيين في أرجاء الدول العربية المجاورة، ليجدوا مأواهم في مخيمات زوَّدتهم بها منظمات الإغاثة الدولية، وكان واحدًا من القرارات المضلِّلة التي اتخذتها الأمم المتحدة عام 1947، إنشاء وكالة خاصة للاجئين الفلسطينيين، وعدم إشراك منظمة اللاجئين الدولية “Refugee Organization International” التي ساعدت اللاجئين اليهود في أوروبا، عقب الحرب العالمية الثانية، وبهذا في 1949 وُلدت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى “الأونروا/UNRWA”، والتي كانت مهمتها الاهتمام بشؤون اللاجئين اليومية، لا حقهم في العودة.
وبالنسبة للفلسطينيين فالشيء الإيجابي الوحيد الناجم عن اتفاقية كامب ديفيد، هو نجاح القيادة الفلسطينية على الأقل ولفترة وجيزة في لفت انتباه الجمهور المحلي والإقليمي، والعالمي إلى حدٍّ ما، إلا أن الصراع لا يتعلق بمستقبل المناطق المحتلة فقط، إنما في الصميم منه اللاجئون الذين طردوا من فلسطين عام 1948، وقد أعيد إحياء عملية السلام ظاهريًّا في عام 2003 باسم اتفاق جنيف، بخريطة طريق جديدة، ومبادرة أجرأ إلى حدٍّ ما، تحت إشراف اللجنة الرباعية المكونة من الولايات المتحدة، والأمم المتحدة، وبريطانيا، وروسيا، التي عينت نفسها وسيطًا، رغم غرابة الأمر، حصلت إسرائيل على الاعتراف بنفسها كدولة يهودية على شكل وثيقة، من الشركاء الفلسطينيين، لتتكون إسرائيل القلعة وتصبح أعتى عقبة في طريق السلام لأرض فلسطين.
الفكرة من كتاب التطهير العرقي في فلسطين
بعد الهولوكوست، بات من المستحيل إخفاء جرائم شنيعة ضد الإنسانية، والآن في عالمنا المعاصر، ومع تكاثر وسائل الإعلام الإلكترونية وانتشارها، لم يعد في الإمكان إنكار كوارث من صنع البشر، أو إخفاؤها عن أعين الرأي العام، ورغم هذا فإن جريمة التطهير العرقي في فلسطين جرى محوها كليًّا من ذاكرة العالم، وحدث مصيري كهذا، وهو الأكثر أهمية في تاريخ فلسطين الحديث، أُنكر بصورة منهجية منذ وقوعه، وإلى الآن لم يُعترف به كحقيقة تاريخية، أو حتى جريمة يجب مواجهتها سياسيًّا وأخلاقيًّا.
مؤلف كتاب التطهير العرقي في فلسطين
إيلان بابيه: أستاذ بكلية العلوم الاجتماعية والدراسات الدولية بجامعة إكستر بالمملكة المتحدة، ومدير المركز الأوروبي للدراسات الفلسطينية لنفس الجامعة، كما أنه مؤرخ إسرائيلي بارز، وناشط اشتراكي، وينتمي إلى تيار المؤرخين الجدد، من أشهر أعماله “10 خرافات عن إسرائيل”، و”خارج الإطار”، و”أرض واحدة وشعبان”، و”الشرق الأوسط الحديث”، وتم دعمه من قبل بعض المؤرخين، وتعرض من جهة أخرى للكثير من النقد الإسرائيلي، وقبل مغادرته إسرائيل عام 2008 تمَّت إدانته من قبل الكنيست، وتلقَّى تهديدات عدة بالقتل، وظهرت صورته في إحدى الصحف بأنه مستهدف.