الثقوب السوداء وأسهم الزمن
الثقوب السوداء وأسهم الزمن
يشرح الكاتب دورة حياة النجوم كالتالي: عندما يستهلك النجم كل الوقود الغازي المكوِّن له في مقاومة قوى الجاذبية بين جزيئاته والتي تدفعه إلى الانكماش، فإنه مصيره يمكن تحديده باستخدام ثابت يدعى “حد شاندراسيخار”، فإذا كانت كتلة النجم أصغر من ذلك الحد فإنه لا ينكمش كليًّا نتيجة وجود قوى تنافر كافية بين الإلكترونات تحافظ على استقراره، فيتحوَّل إلى “قزم أبيض”، ومن الممكن في حالة النجوم الصغيرة جدًّا أن يتحوَّل إلى “نجم نيوتروني” عالي الكثافة، وهذه النجوم تحافظ على استقرارها بفضل قوى التنافر بين النيترونات والبروتونات، أما إذا تخطَّت كتلة النجم الحد المذكور فإنه ينكمش كليًّا مكوِّنًا ما يعرف بـ”الثقب الأسود”، وهو نقطة ذات جاذبية لا نهائية حتى الضوء يفشل في الهروب منها، صانعًا مسارًا يعرف بـ”أفق الحدث” event horizon، فما يحدث عند نفاد الوقود هو أن الأجزاء المركزية للنجم تنكمش إلى حالة شديدة الكثافة، بينما تتناثر الأجزاء الخارجية في الكون في انفجار هائل يُدعَى بالـsupernova، وكان يُعْتَقَد أن هذه الثقوب لا تصدر أي إشعاعات ولكن هذا يخالف القانون الثاني للديناميكا الحرارية الذي ينصُّ على أن الإنتروبي دائمًا في حالة ازدياد، وبالفعل فقد وجد أن الثقوب السوداء تصدر إشعاعًا موازيًا للكتلة المستهلكة، وفي نهاية عمر الثقب عندما تصبح كتلته ضئيلة جدًّا، ينفجر مطلقًا آخر دفعة من الإشعاع للكون، ومع أن الثقوب السوداء لا تُصْدِر أشعة ضوء مرئية، فإنه يمكن الاستدلال عليها من خلال قوى الجاذبية التي تؤثر بها في الأجسام المحيطة.
وفي الفصل الأخير يشرح الكاتب وجود ثلاثة أسهم تتحكَّم في الوقت؛ وهي: سهم الديناميكا الحرارية الذي يشير رأسه إلى اتجاه زيادة الإنتروبي أو الفوضى، والسهم الكوني الذي يعني أن الوقت يمضي في اتجاه تمدُّد الكون وليس انكماشه، وأخيرًا السهم النفسي الذي يجعلنا نشعر بمرور الوقت من الماضي إلى المستقبل على وجه التحديد، وهذه الأسهم تتفق في أنها جميعًا تشير في نفس الاتجاه، ومن الممكن تفسير اتجاه سهم الديناميكا الحرارية كالتالي: يميل الكون إلى الفوضى لأن عدد حالات الفوضى أكثر بكثير من حالات النظام، ما يجعل احتمالية الفوضى أكبر بكثير، ومن الممكن أيضًا الرجوع إلى المبدأ الأنثروبولوجي الضعيف الذي يعلِّل أن الاتجاهات الزمنية تظهر هكذا لأنها تستطيع توفير الظروف اللازمة لنشأة ونجاة الإنسان، وإذا تحرَّك الزمن في أي اتجاه آخر فلن يوجد إنسان ليسأل: لماذا يتحرَّك سهم الزمن في هذا الاتجاه بالذات؟
الفكرة من كتاب تاريخ موجز للزمن
يتحدث ستيفن هوكينج في هذا الكتاب عن النظريات والتطورات الفيزيائية والرياضية التي شكَّلت مفهومنا عن العالم ونشأة الكون وكذلك التركيب الرئيس لأجزائه، والتي تم التوصُّل إلى أغلبها في القرون القليلة الماضية، ويبدأ الكتاب بتوضيح الأسس التي تميِّز النظريات العلمية عن غيرها، فالنظرية العلمية لا بد أن تُقَدِّم نموذجًا يفسر الظواهر الفيزيائية عن طريق مطابقة الشواهد العملية والتَنَبُّؤ بالكميات والمشاهدات المرتبطة بهذه الظواهر، وإذا فشلت النظرية في ذلك أو ظهرت أخرى أكثر منها دقة، فإنها تُتْرَك لعدم كفايتها، أما في حالة نجاحها فيُكتب لها النجاة مؤقتًا حتى توضع مجددًا تحت الاختبار.
مؤلف كتاب تاريخ موجز للزمن
ستيفن هوكينج: هو عالم الفيزياء النظرية، والرياضيات التطبيقية البارز بجامعة كامبريدج، وله أبحاث عديدة في علم الكون والعلاقة بين الثقوب السوداء والديناميكا الحرارية، ويشتهر هوكينج بين الأوساط العلمية بإسهاماته في تكوين نظريات عن التفرُّد الجذبوي the singularity، وإشعاعات الثقوب السوداء، وكذلك اهتمامه الكبير بمحاولة الوصول إلى نظرية موحَّدة لتفسير الظواهر الفيزيائية على كلٍّ من البعدين الكوني والذرِّي؛ لتُوَفِّق بذلك بين أهم ركائز الفيزياء الحديثة، النظرية النسبية وميكانيكا الكم.
معلومات عن المترجم:
مصطفى إبراهيم فهمي: مترجم مصري حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة القاهرة، والدكتوراه في الكيمياء الإكلينيكية من جامعة لندن، وشغل منصب عضو لجنة الثقافة العلمية بالمجلس الأعلى للثقافة بمصر عام 1997، وله ترجمات عديدة في مجال العلوم منها: “الكون في قشرة جوز”، و”الجينوم – السيرة الذاتية للنوع البشري” وغيرها، كما أنه مُؤَلِّف لكتابين هما “قضايا علمية”، و”علوم القرن الحادي والعشرين”.