إسلام امرأة
إسلام امرأة
دخل الإسلام إلى يثرب وكانت الرُّميصاء من أوائل المسلمين، وقد أسلمت في وقت سفر زوجها مالك بن النضر دون خوف ممن حولها، ولأنها صاحبة إيمان قوي حاولت أن تدعو زوجها للإسلام عن طريق مُلاعبة ابنها أمامه “فتقول: يا أنس؛ قل: لا إله إلا الله قل: أشهدُ أنَّ محمدًا رسول الله، فيسمع مالك ذلك؛ فيقول لها: أصبوتِ؟ فتقول: ما صبوتُ، ولكني آمنت”، وكان الغضب يتملَّكه أحيانًا وكانت هي (رضي الله عنها) لا تكُفُّ عن دعوته، لكنه غضب منها وكان خائفًا على ابنه منها فيقول لها: “لا تُفسدي عليَّ ابني”، أي: لا تملئي رأس الطفل بهذا الأمر، فقد تركتك لشأنك أما الولد فدعيه! فكانت تُجيب: “إني لا أُفسِده”، وفي انتظارها بأمل أن يُسلم مالك لكنه انتهى حين قُتل يومًا على يد عدو له، فحزنت عليه وصبرت، وعزمت على تربية أنس وحدها.
تمر أيامها ويأتي ليخطبها خير الرجال زيد بن سهل ويُكنى بـ”أبو طلحة”، فجلست معه وقالت: “والله ما مثلك يا أبا طلحة يُرد، ولكنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلمة، ولا يحل لي أن أتزوَّجك، فإن تسلم فذاك مهري”، فقد رغَّبته في الإسلام وأظهرت رغبتها بالزواج به حين يُسلم، ولم تنسَ المدح في خُلقه، فقال لها: “ما ذاكَ دهرك” أي ليست حقيقة هدفك، فقالت: وما دهري؟ فقال: الصفراء والبيضاء؟ أي ترفضيني لأجل من هو أقدر مني ماديًّا، فقالت: فإني لا أريد صفراء ولا بيضاء، أريد منك الإسلام، فإن تُسلِم فذاك مهري، ولا أسألك غيره”، وزادت على كلامها وشكَّكته فيما يعبد فإنها أصنام خشب لا حيلة لها وتركها حتى يحسم أمره، لكنها أقنعته بالفعل وعاد إليها لأنه يريد أن يعلم عن دين الإسلام، فأشارت له بالذهاب إلى رسول الله فذهب إليه أبو طلحة، وقصَّ عليه ما حدث ليقول النبي: “جاءكم أبو طلحة غُرَّة الإسلام بين عينيه”، وبعدها تتم الخِطبة.
الفكرة من كتاب الرُّميصاء في ظلال التربية النبوية
أعظم ما في التاريخ أنه يُخلِّد أفعال وأقوال الأشخاص ولا يترك أعمالهم تذهب هباءً، بل تظل قناديل نهتدي بها في المسير، وجاءت السيرة النبوية بشكل خاص لتكون هُدى نهتدي به في الحياة بعد القرآن الكريم، ولم تترك السيرة جانب المرأة الذي هو جانب بنَّاء لأمة بأكملها، فتجد المرأة أدوارها لا تُعدُّ ولا تُحصى، فهي زوجة وابنة وأم وأخت ومعلمة وغيرها، وكل أدوارها تبني وتعمر وتربي، المرأة فُطرت بفطرة عجيبة من الله (عز وجل) قادرة على القيام بالعديد من الأعمال في آنٍ واحدٍ دون كلل منها أو ملل، تهتم بالصغير وترعى الكبير وتطبخ وتنظف وتعمل وتتعلم دون شكوى أو إهمال، وأجلُّ القدوات التي نهتدي بها في طريقنا هنَّ نساء النبي والصحابة، فهُنَّ نوع فريد وخاص من النساء، فمنهن من قاتلت في سبيل الله ومن صبرت وعُذِّبت لله، ومن ربَّت أعظم الصحابة وهكذا، تعدَّدت أدوارهن لكنهن تميزن ببذلٍ وحبٍّ لله، وفي كتابنا هذا يعرض الكاتب قدوة من أعظم القدوات النسائية وكيف بذلت في سبيل الله كأم وزوجة وسيدة مسلمة، وضُرب بها المثل كقدوة صالحة وبُشرت بالجنة من النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم).
مؤلف كتاب الرُّميصاء في ظلال التربية النبوية
الدكتور محمد حشمت: باحث وكاتب ومُحاضر، وباحث دكتوراه، وحاصل على ماجستير في العقيدة، وليسانس اللغة العربية والعلوم الإسلامية، وله عدة مؤلفات: “نظرية الدين والتدين”، و”الفهم والوهم”، و”أضغاث أوهام”، و”قراءة في أفكار عبد الجواد ياسين”، و”كعب بن مالك في ظلال التربية النبوية”، و”الرميصاء ظلال التربية النبوية”، و”جابر بن عبد الله ظلال التربية النبوية”.