خدعونا باسم الدين!
خدعونا باسم الدين!
كان الدين هو ملجأ الناس من تعب الدنيا وطريقهم إلى الطمأنينة، لكنه فجأة تحوَّل إلى عبادة فردية تبتعد عن التفكير في الحياة وأحداثها اليومية ويحاول بعض أبناء هذه العبادة أن ينسوا الاجتهاد في أمور الفقه والفكر لتتماشى مع التطورات والأحداث التي نعيشها، كما أنهم حوَّلوا الدين نظرة إلى الموت والآخرة فقط ونسيان الدنيا والسعي فيها .
حتى تحوَّل الدين إلى أداة لخدمة مؤسسات وأغراض أخرى، فإذا اعترضت على حدوث أي ظلم للبعض فستتهم بالخيانة وتقتل معنويًّا من كثرة الاتهامات لمجرد اعتراضك، وعندما ترى كل شيء على حقيقته سيكون أمامك خياران إما أن تنكر أنك رأيت أي شيء، وبهذا تصبح كالجثة الهامدة لا روح فيها ولا عقل، وإما تختار أن تعترض وتنكر وإن كان الطريق صعبًا فيكفي لسانك، وإن لم تجد فبقلبك، يمكن أن يكون الخطأ قد بدأ بحسن نية، فالأجيال الأكبر منا كانت تريد أن تجنِّبنا مرارة الأخطاء والوقوع، فكانوا لنا كمرشدين في كل الأمور وكل الاختيارات، وعندما كبرنا وجدنا أننا لا نستطيع اختيار أي شيء، لم نتعلم كيف نخطئ وندفع ثمن هذا الخطأ، أصبحنا متخاذلين نرضى بأن يهضم حقنا، مع أننا كان يجب أن نقتنع أن الوطن صنيع المواطن، وأن الماضي ليس شماعة نصبر بها أنفسنا على الواقع السيئ./
وإذا أردنا معرفة الطريق السليم فالدين قد جاء للرسول (صلى الله عليه وسلم) يبدأ بـ”اقرأ” لأن الوعي هو الطريق الصحيح، فالمطلوب هو قراءة واستيعاب والتعلم من سير الأولين، لنعلم كيف هلكوا فلا نهلك مثلهم، ونقرأ عن سيرة الرسول فنصبح متعاونين عادلين، ونقرأ في سيرة ابن حنبل فتعلم كيف كان الفقهاء الحق، وندرك أن الله هو الذي يغفر، لا أحد يوزع صكوك غفران ولا أحد يمكنه تصنيف الناس إلى مؤمنين وكفرة تبع هواه، وأن الدين الحقيقي فيه مساحة وأجر لمن قذف بكلمة حق في وجه سلطان جائر، المشكلة الكبرى أن الهجوم والسخرية من الدين زادوا لأن الدين عند الناس أصبح قشرة ومظاهر لا يلمسهم.
الفكرة من كتاب أنبياء كذبة
يبدأ الإيمان بـ”لا إله إلا الله” وهي دعوى إنكار الألوهية ورفضها لأي إله سوى الله، أي أن الإيمان بالله يبدأ بالكفر بما سواه، وهو ما أدركه كريم الشاذلي بعد رحلة طويلة من الأمل ودعوة الناس للحلم؛ لكن عندما ظهرت نهاية الحلم وكانت فاسدة ومخيِّبة للآمال، اتُّهم الشاذلي بأن دعوته للتفاؤل كانت مضللة للناس، وبعد تفكير اكتشف خطأه وأقرَّ به، ومن هنا أدرك أنه لنبني واقعًا جميلًا يجب أن نهدم الأساس الفاسد، ولنؤمن بشيء تمام الإيمان يجب أن نكفر بما يعاكسه، إذن الكتاب دعوة للتحريض على رفض أخطاء سلبيات الواقع، فكما أن الخير له دعاة وأنبياء، الفساد أيضًا له رهبان وأنبياء يعرفون ثغرات النفوس ويغرسون الأفكار السلبية والفاسدة ويعطِّلون قدرتك على الانتقاد والرفض ويغلِّفون كل هذا برداء الدين، فقبل الحديث عن أي بداية أو خطوة جديدة، أو أمل وتفاؤل يجب علينا مواجهة أسباب فشلنا وضعفنا، ورفض من سرق منا الحلم وصمَّم على توريثنا الذل نحن ومن يأتي بعدنا وجعلنا جيلًا مسخًا.
مؤلف كتاب أنبياء كذبة
كريم الشاذلي: كاتب وإعلامي وباحث ومحاضر في مجال العلوم الإنسانية وتطوير الشخصية، استطاع في مدة قياسية أن يصل إلى أكثر من نصف مليون قارئ عربي من خلال 15 كتابًا مطبوعًا، وقد تُرجِمَت كتبه إلى العديد من اللغات، وقد تقلَّد منصب مدير عام دار أجيال للنشر والتوزيع، وأعطى محاضرات في جميع جامعات مصر، وحلَّ ضيفًا على كثير من البرامج التلفزيونية في الدول العربية.
من أبرز مؤلفاته: “امرأة من طراز خاص”، و”الإجابة الحب”، و”اصنع لنفسك ماركة”، و”جرعات من الحب”، و”أفكار صغيرة لحياة كبيرة”، و”إلى حبيبين”.