المجتمع المنشود
المجتمع المنشود
إن أي مجتمع يتكوَّن من مجموعات متمايزة تقوم بينها علاقات منظَّمة، وهذه العلاقات تقوم على أساس معايير وقواعد محددة، ويميل المجتمع إلى ضبط سلوك أفراده من أجل تحقيق التجانس بينهم وفق تلك المعايير وقد يمارس نوعًا من القهر على الأفراد حتى يضمن استقرار الجماعات، إلا أن هذا القهر قد يُنتج أعراضًا جانبية ضارة مثل النفاق الاجتماعي والمراءاة وإحباط المبادرات الفردية، لذلك ينبغي للمجتمع أن يُنمي الوازع الأخلاقي الداخلي عند الأفراد، كما ينبغي أن يشجع روح المبادرة عندهم.
ويقوم المجتمع المسلم المأمول على هدف مشترك وواضح، وهو الوصول إلى رضا الله سبحانه عن طريق النجاح في الابتلاءات المختلفة التي نواجهها، ونحتاج إلى بلورة هذا الهدف وإعادة إحيائه بعد أن ضعف في القلوب نتيجة التأثر بالمجتمعات الغربية وأفكارها، كما ينبغي لهذا المجتمع أن يكون ثريًّا بالدوائر والمؤسسات الوسيطة مثل هيئات الإصلاح والإغاثة ومراكز البحوث والدراسات والنقابات؛ وهذه المؤسسات تكون من وظائفها: تأمين الاستقرار الاجتماعي لأنها تُعدُّ حلقة وصل بين الدولة والمجتمع، وتخفيف العبء عن الدولة من خلال الاضطلاع ببعض المهمات الاجتماعية، وأيضًا مساعدة الأسرة والمدرسة في التنشئة الاجتماعية للأبناء، ومن سمات المجتمع المنشود أن العلاقات بين أفراده تقوم على التعاون والتفاهم والإقناع من أجل تحقيق التماسك والتضامن على المستوى الروحي والأخلاقي، ومن المهم أن يكون هذا المجتمع واعيًا بذاته مدركًا لموقعه في سلم الحضارة؛ فالمجتمع الواعي بذاته يدرك خصائصه المحورية فيعمل على تعزيزها، كما يتمسَّك بالقطعيات في العقائد والفرائض فلا يسمح بمساسها، وفي نفس الوقت يتسامح في المسائل الخلافية والفرعية.
الفكرة من كتاب من أجل انطلاقة حضارية شاملة
كيف نستعيد الحضارة الإسلامية؟ هل ننهل من التراث أم ننقطع عنه؟ كيف نلحق بالحضارات الأخرى؟ من أين نبدأ عملية النهضة؟ أسئلة مثل هذه تراود المسلم المعاصر كثيرًا ويبحث عن إجابات وافية لها، ويأتي كتاب “من أجل انطلاقة حضارية شاملة” -وهو الجزء الثاني من سلسلة بعنوان “المسلمون بين التحدي والمواجهة”- ليجيب عن بعض هذه التساؤلات، ويتحدث عن أهم الشروط والأسس الضرورية التي يحتاج المسلمون إلى توفيرها حتى ينهضوا حضاريًّا ويصلحوا شؤون دينهم ودنياهم، ويتناول الكتاب أفكارًا حول الثقافة والتراث والفِكر والإنسان والمجتمع، كما يناقش أهمية إدراك الواقع والتخطيط للمستقبل.
مؤلف كتاب من أجل انطلاقة حضارية شاملة
الدكتور عبد الكريم بكار: مؤلف وكاتب سوري، وُلد عام 1951م، وتتناول مؤلفاته القضايا المتعلقة بالحضارة الإسلامية والنهضة والفِكر والتربية والعمل الدعوي.
من مؤلفاته: “نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي”، و”مدخل إلى التنمية المتكاملة”، و”حول التربية والتعليم”.