المجتمع المفتوح ومناقبه
المجتمع المفتوح ومناقبه
يعرض الكاتب في هذا الفصل الأخير، وجهة نظر الفيلسوف بوبر عن المجتمع المفتوح وتطبيقات الديمُقراطية فيه، فيبدأ حديثه بذكر أهمية النقد في تفنيد القرارات السياسية، لأنه يرى أن السياسة لا مجال فيها لليقين والحلول المعصومة، وإنما السياسة الناجحة هي سلسلة من السعي نحو حل المشكلات بدلًا من الوصول إلى المثالية في مجالات محدودة.
ورغم أن بوبر كان من كبار الداعين للديمُقراطية الليبرالية، فإنه تميَّز عن أقرانه برفضه لفكرة المجتمع الذي يعتمد على الكُل لا الواحد، ودعا بدلًا من ذلك إلى المجتمع المفتوح الذي يُؤمِّن التعدُّدية ويطرح وجهات نظر مُختلفة، ويقتضي تحقيق ذلك أن يكون هناك مجال لإقصاء من هم في السلطة على فترات معقولة دون عنف لاعتماد سياسات مُختلفة جديدة.
في سياق عرض مناقب المجتمع المفتوح، نوَّه بوبر إلى مُفارقات عدَّة مثل مفارقة الديمُقراطية، والتي تتمثَّل في استخدام الديمُقراطية في دعم حزب ضلالي باسم الأغلبية! والطريق لتجنُّب ذلك هو التمسُّك بالمؤسسات الحرة، أما المفارقة الثانية فهي مفارقة التسامح، فأشار إلى ضرورة ألا يكون التسامح مُطلقًا يُفضي إلى إضاعة الحقوق وإتاحة الفرصة للمُتلاعبين، وأخيرًا في مفارقة الحُريَّة، فضَّل بوبر الحرية المحكومة بالمنطق والقانون بدلًا من الحرية المُطلقة، وفرض الرقابة المالية المُتزنة بدلًا من النزوع إلى الرأسمالية.
وفي باب السيادة، أشار إلى مفاهيم يجب أن نتقيها، فلا نقول: من يجب أن يحكُم؟ وأين يجب أن يكون الحُكم؟ بل نترك تلك المفاهيم المُطلقة ونكون أكثر وعيًا بأهمية المُشاركة الفعالة أيًّا كان الحاكم، فنتساءل: كيف نحول دون إساءة الحُكم؟ وكيف نتجنَّب عواقبها؟.
وانتهى بوبر إلى أن السعي نحو المجتمع الديمُقراطي، يستدعي تحمُّل مسؤولية قد ينفر منها البعض وينجذبون إلى المذهب الشمولي فضلًا عن الديمُقراطية فيما يُعرف بـ”توتر الحضارة”، ولا بد من مواجهة هذه المخاوُف في سبيل تحقيق الأفضل، وتبنِّي طريقة التحسينات الجزئية التي تختبر وتُجرَّب لتُميِّز الصواب من الخطأ، بدلًا من طُرق التخطيط الكُلي اليوتوبي الذي قد يؤدِّي إلى اضطرابات تؤول بالوضع إلى الأسوأ.
الفكرة من كتاب فقه الديمقراطية
يعرِض هذا الكتاب معنى الديمقراطية وأبجديَّتها الأولى كما وضعها معلِّمو الديمقراطية الكبار، من أمثال جون ستيوارت مل، وجون ديوي، وشارلس فرانكل، وكارل بوبر، فيقول إن الديمقراطية هي المُناخ الصحي للنبتة البشرية المُبدعة، التي تميل بطبيعتها إلى الخلق والابتكار لا التكرار أو التقليد الميِّت، وهي الخيط النفيس الذي ينسج رداء الحرية، الرداء الذي تسعى كل الشعوب السوية إلى ارتدائه، بعيدًا عن جُبَّة التبعيَّة العمياء أو اليوتوبيا اللامنطقية.
مؤلف كتاب فقه الديمقراطية
الدكتور عادل مُصطفى: كاتب وطبيب نفسي مصري، حصل على بكالوريوس الطب والجراحة في يونيو 1975، ثم التحق بعد ذلك بكلية الآداب قسم الفلسفة ليحصل على درجة الليسانس بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف، وكان الأول على دفعته طوال سنوات الدراسة، كما حصل على ماجستير الأمراض العصبية والنفسية من كلية الطب جامعة القاهرة عام 1986، وكنتيجة منطقية لهذه الدرجات العلمية المرموقة قدَّم للمكتبة العربية ثلاثين كتابًا في الفلسفة والأدب وعلم النفس والطب النفسي، بعضها نتاج أبحاثه ودراساته مثل: “العولمة من زاوية سيكولوجية”، و”المغالطات المنطقية وفهم الفهم.. مدخل إلى الهرمنيوطيقا”، وبعضها الآخر ترجمات لكتب فلسفية عالمية.
حاز جائزة أندريه لالاند في الفلسفة، وجائزة الدولة التشجيعية في الفلسفة عام 2005.