الديمقراطية قضية كل القضايا
الديمقراطية قضية كل القضايا
صدر هذا الكتاب عام 2012، العام التالي لاندلاع ثورة يناير وكل الثورات العربية التي كانت ترفع رايات المطالبة بالعدل والمساواة، وتهتف بإلحاح مُطالبةً بالديمُقراطية، فبدأ الكاتب الحديث عنها بطرح هذا التساؤل المهم: “لماذا تُثار اليوم مسألة الديمُقراطية؟”.
ويُجيب الكاتب بأنَّ الوطن مريض، وأننا في حاجة إلى مراجعة شاملة لكل سياسات المجتمع، بدءًا بالنظام السياسي، مرورًا بالتعليم واللغة، وانتهاءً بمنظومة القِيم التي شغلتنا بتوافه الأمور عن هائلها، وأننا حين ندعو إلى الديمُقراطية فإننا لا نهتم بقضية واحدة على حساب بقية القضايا، وإنما هي أمُّ القضايا ومنبعها، ذلك أن المغزى الحقيقي للديمقراطية يكمن في المناخ الصحِّي الذي تُوفِّره لمناقشة بقية القضايا أكثر مما هو في أسلوب الحكم السياسي الذي تتبنَّاه، وهنا تأتي بعض الآراء القائلة إن الديمُقراطية تهدِّد وحدة البلاد، وأن تحقيقها في هذه المرحلة الطارئة -الأزلية الأبدية- يحول بيننا وبين الاستقرار والتضامُن، والحقيقة أن هذه الدعاوى لا تُسمن ولا تُغني من جوع، وإنما تؤدي إلى غاية واحدة: وهي بقاء الأمور على ما هي عليه.
إذًا ما الديمُقراطية؟ الديمُقراطية هي منهج سياسي له أصوله وفلسفته، يقوم بشكل رئيس على مذهب المنفعة العامة الذي يعرِّفُه جون ستيوارت مل بأنه تلك الوجهة من الرأي القائلة إن “الأفعال هي خير بقدر ما تنزع إلى أن تعزِّز السعادة، وهي شر بقدر ما تنزع إلى أن تورث الشقاء”، بشرط أن يُؤخَذ في الاعتبار كل النتائج المترتبة على كل المتأثرين بالفعل، وليس صاحب المصلحة فقط.
وأضاف بوبر إلى هذا التعريف قوله: “أقل قدر ممكن من المعاناة للجميع”، وهو ما يُطلَق عليه اسم “مذهب المنفعة السلبي” negative utilitarianism، الذي يُقابل المبدأ الإسلامي “دفع الضرر مقدَّم على جلب المنفعة”، والذي يسلِّط الضوء على حل المشكلات أولًا قبل السعي لجلب سعاداتٍ أخرى.
الفكرة من كتاب فقه الديمقراطية
يعرِض هذا الكتاب معنى الديمقراطية وأبجديَّتها الأولى كما وضعها معلِّمو الديمقراطية الكبار، من أمثال جون ستيوارت مل، وجون ديوي، وشارلس فرانكل، وكارل بوبر، فيقول إن الديمقراطية هي المُناخ الصحي للنبتة البشرية المُبدعة، التي تميل بطبيعتها إلى الخلق والابتكار لا التكرار أو التقليد الميِّت، وهي الخيط النفيس الذي ينسج رداء الحرية، الرداء الذي تسعى كل الشعوب السوية إلى ارتدائه، بعيدًا عن جُبَّة التبعيَّة العمياء أو اليوتوبيا اللامنطقية.
مؤلف كتاب فقه الديمقراطية
الدكتور عادل مُصطفى: كاتب وطبيب نفسي مصري، حصل على بكالوريوس الطب والجراحة في يونيو 1975، ثم التحق بعد ذلك بكلية الآداب قسم الفلسفة ليحصل على درجة الليسانس بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف، وكان الأول على دفعته طوال سنوات الدراسة، كما حصل على ماجستير الأمراض العصبية والنفسية من كلية الطب جامعة القاهرة عام 1986، وكنتيجة منطقية لهذه الدرجات العلمية المرموقة قدَّم للمكتبة العربية ثلاثين كتابًا في الفلسفة والأدب وعلم النفس والطب النفسي، بعضها نتاج أبحاثه ودراساته مثل: “العولمة من زاوية سيكولوجية”، و”المغالطات المنطقية وفهم الفهم.. مدخل إلى الهرمنيوطيقا”، وبعضها الآخر ترجمات لكتب فلسفية عالمية.
حاز جائزة أندريه لالاند في الفلسفة، وجائزة الدولة التشجيعية في الفلسفة عام 2005.