ما الاستبداد؟
ما الاستبداد؟
الاستبداد لغةً هو اغترار المرء برأيه وعدم قبول النصيحة، ويراد بها تحديدًا استبداد الحكومات لأنها أعظم مظاهر الاستبداد، وهي التي جعلت حياة الإنسان في شقاء وتعاسة، والمراد باستبداد الحكومات أنه تصرف فرد أو مجموعة في حقوق قومٍ بلا خوف من حسابٍ أو عقاب.
وأشد مراتب الاستبداد هي حكومة الفرد المطلق والوارث للعرش والحائز على سلطة دينية، ولكن كما يقول الكاتب فإن هذا النوع من الاستبداد يخفّ تدريجيًّا إلى أن ينتهي بالحاكم المنتخب المؤقت المسؤول فعلًا، ويحدث هذا بشكل أسرع كلما قلّت أعداد الرعية وقلّ التفاوت في الثروات وكلما ترقى الشعب في المعارف.
ومن أقبح أنواع الاستبداد أيضًا هو استبداد الجهل على العلم واستبداد النفس على العقل ويسمى استبداد المرء على نفسه، وذلك لأن الله خلق الإنسان حرًّا قائده العقل، فكفر وأبى إلا أن يكون عبدًا قائده الجهل. فالاستبداد هو يد الله القوية التي يضرب بها رقاب الهاربين من جنة عبوديته إلى جحيم عبودية المستبدين، فقد ورد في الأثر: “الظالم سيف الله ينتقم به ثم ينتقم منه”؛ فإن قيل لماذا يبتلي الله عباده بالمستبدين؟ فيكون الجواب هو أن الله عادل لا يظلم أحدًا، فلا يولّي المستبد إلا على المستبد، ولا يولّي الأحرار إلا على الأحرار، وهذا هو تفسير معنى العبارة الشائعة: “كما تكونوا يُولّى عليكم”.
الفكرة من كتاب طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد
إن الاستبداد هو أصل كل الشرور والأمراض الاجتماعية، فالاستبداد يدمّر الأخلاق ويبعد العوام عن التدين الحقيقي ويُغلّب التدين الظاهري، وكذلك يحارب على جعلهم جهلاء لا يعلمون شيئًا ولا يتعلمون، ويخلق أيضًا فجوة اقتصادية بين طبقات المجتمع بل ويساعد على تكديس الثروات في أيدي الأغنياء فقط، ويجعل الفقراء أكثر فقرًا، كما أنه يمثل العائقش الرئيسي أمام التربية السليمة للأبناء على القيم والمُثُل العُليا، ويقدّم الكاتب مجموعة من الحلول العملية للخلاص من الاستبداد واستبداله بأنظمة عادلة.
مؤلف كتاب طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد
عبد الرحمن أحمد بهائي محمد مسعود الكواكبي، وُلِد في التاسع من يوليو عام ١٨٥٥، في حلب بسوريا، وهو مفكّر مُصلح بدأ حياته بالعمل في الصحافة داعيًا للإصلاح والقومية العربية، فتعرض لكثير من المتاعب من قِبَل الدولة العثمانية، فسُجن عدة مرات وعاش شريدًا يطوف العالم العربي داعيًا إلى الحرية السياسية والعدالة الاجتماعية وتجديد الدين، له كتابان مشهوران طبائع الاستبداد أشهرهما، توفّي في الثالث عشر من يونيو عام ١٩٠٢ بالقاهرة.