المجالس أمانات
المجالس أمانات
يستهين كثيرٌ منا في الأخذ بعين الاعتبار أن المجالس وما يدور فيها أمانة حقيقية ينبغي أن تصان وتحفظ؛ وأنها ليست سلعًا للعرض أو طلبًا أو مادةً للإذاعة والوشاية.
ونواقض هذه الأمانة كثيرة؛ ومن أبرزها وأشدها فتكًا بالعلاقات الغيبة والنميمة ونقل الأحاديث من مجلس إلى مجلس هنا وهناك، فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) في هذا أن: “الغيبة ذكرك أخاك ما يكره” وقال الله تبارك وتعالى: ﴿وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ﴾.
والعديد من الناس اليوم لا يُؤمِّن على كلمة واحدة ولا يقوى على كتم سر مهما صغر شأنه، وتراه يركض فرحًا ووشايةً بأخبار أصحابه وأحوالهم، كأنه قد حاز كنزًا أو بلغ مبلغًا، وفي هذا منع للخير واعتداء كما نصَّت الآية الكريمة، وفيه لأخيه ما يكره كما قال النبي المصطفى، كما أن له عواقب وخيمة على ناقل الخبر والمنقول عنه، بحيث يصبح الناقل أداةً ولعبة في يد غيره ينقل بها الشر ومعولًا يفتك بالعلاقات، أما المنقول عنه فقد يناله من الأذى والسقوط في أعين الناس ما يناله بهتانًا وزورًا، حتى إن الأمر لا يتوقَّف عند ذلك لأن المغتاب النمَّام متسرِّع ومندفع ينقل كل ما يسمع ويعلم دون تأنٍّ أو تثبُّت، بل وقد تدفعه هذه الخصلة القبيحة إلى ما هو أقبح من ذلك، كالتجسُّس على الآخرين والبحث من ورائهم وكشف عوراتهم، فينشغل بغيره عن نفسه ويصبح همُّه في كل مقعد ومجلس الناس وماذا سيقولون ليذيع عنهم ويفضي، ولو أنه انشغل بنفسه وأنصت لوعيه، ولو أنه إذ سمع واطلع صان وحفظ لكان خيرًا له وأقوم كما يقول الشاعر في هذا:
والمرء إن كان عاقلًا ورعًا
أشغله عن عيوب غيره ورعه
كما العليل السقيم أشغله
عن وجع الناس كلهم وجعه.
الفكرة من كتاب أخطاء في أدب المجالسة والمحادثة
للمجالس والمحادثات آداب وحدود وحقوق وواجبات قد يجهل معظمنا الكثير منها، هل فكرت يومًا في الجدوى من مشاركتك في نقاش أو مجلس ما؟
أم هل تساءلت مرة عن حدود الكلام التي لا ينبغي لك تجاوزها وأنت تتجاذب أطراف الحديث مع الآخرين؟ أين تجلس ومتى تسكت وكيف تكون مستمعًا جيدًا؟
في هذا الكتاب ستجد مجموعة من التوجيهات والضوابط والتحذيرات التي يمكن أن تساعدك على الاستزادة من الأدب والتحلِّي بالحلم والتخلُّق بالأخلاق القويمة في حديثك ومجلسك.
مؤلف كتاب أخطاء في أدب المجالسة والمحادثة
هو محمد بن إبراهيم بن أحمد الحمد، من مواليد مدينة الرياض، درس الابتدائية والمتوسط والثانوية في الرياض وتخرج في قسم اللغة العربية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والتحق بعدها بقسم العقيدة في الجامعة الإسلامية في أم درمان بالسودان، ثم حصل على الماجستير في كتاب “الإيمان بالقضاء والقدر”، والدكتوراه في كتاب “القصيدة التائية” لابن تيمية (رحمه الله).
ومن مؤلفاته العلمية:
التوبة وظيفة العمر.
مختصر عقيدة أهل السنة والجماعة.
الإيمان بالله.
لا إله إلا الله، معناها، أركانها، فضائلها، شروطها.