عسرٌ بين يسرين
عسرٌ بين يسرين
مهما عصفت الشدائد بالقلب المُتعلق بالله يبقى على يقين بالفرج، فالقلب القارئ للقُرآن غير القلب الذي لا يقرؤه، فحينما يقرأ العبد قوله تعالى: ﴿فَإِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا﴾ يبقى هادئ البال منشرح الصدر، فالقرآن الكريم يُحصل اليقين في قلوب العباد، واليقين بالله هو أهم شعور يجب أن يمتلك القلب ليسير في تلك الدنيا مُطمئنًا.
إننا نرى اليقين يصنع بأصحابه العِجاب! فها هي هاجر (عليها السلام) حين تركها سيدنا إبراهيم (عليه الصلاة والسلام) وحيدة مع طفلها في أرض غير ذي زرع، سألته سؤالًا واحدًا: “آللَّهُ أَمركَ بِهذَا؟”، وحينما علمت أنه أمر الله قالت: “إِذًا لاَ يُضَيِّعُنا”، فالإيمان بالله هو أعظم أسباب اطمئنان العبد وتسليمه لقضاء الله، فيحفظه الله في نفسه، في مشاعره، ويحفظه في دينه وإيمانه.
بجانب ذلك فإن الإيمان بالله والإنابة والعودة إليه يحفظ الأمم وليس الأفراد فحسب، يقول الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾، فيقول ابن عباس (رضي الله عنهما) عن هذه الآية: كانَ في هَذِهِ الأُمَّةِ أمانانِ: رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) والِاسْتِغْفارُ فَذَهَبَ أمانٌ – يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) – وبَقِيَ أمانٌ يَعْنِي الِاسْتِغْفارَ، وعنه يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “مَن أكْثَرَ مِنَ الِاسْتِغْفارِ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِن كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، ومَن كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، ورَزَقَهُ مِن حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ”.
ولو قلَّ عدد من حولنا، وبقينا وحدنا غايتنا ربنا، فإن الله عز وجل ضرب لنا المثل بالثبات في وسط الضلال، فها هي امرأة فرعون، تتحدَّى أشد الناس ظلمًا وكفرًا بثباتها ويقينها بالله، يقول الله تعالى: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾، فمهما ضاق بالإنسان حاله، وازدادت عليه الكُرب، فإن قلبه على يقين بالله، مُتعلِّق بكلامه يصبر على أشد المصاعب.
الفكرة من كتاب مشارق الآي
إن شروق الشمس على الأرض يبعث الدفء والنور، ويجعل القلوب مسرورة لرؤية هذا الجمال، وهذا الشروق الأرضي له أثره الطيب الملموس، فما بالنا بشروق سماوي على القلوب؟ ماذا يحدث للقلب إن أشرقت عليه آيات الله، ففهمها واستخلص معناها، كيف يكون الجلال الحاصل؟ حين تشرق الآيات في القلوب فإنها تشع بأنوارها على الجوارح، فيكون المسلم قُرآنيًّا سمتًا وسلوكًا، فيكون نعم العبد!
وفي كتاب “مشارق الآي” يُقدم لنا الدكتور عبد اللطيف التويجري بعض الإشراقات لآيات القُرآن الكريم، ليُدرك القلب أن الذي غاب عن القُرآن قد فاته مشارق كثيرة.
مؤلف كتاب مشارق الآي
عبد اللطيف بن عبد الله التويجري: كاتب وداعية سعودي، حصل على الدكتوراه من كلية أصول الدين من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، له عددٌ من المقالات التربوية والدعوية، بجانب العديد من الخُطب المسموعة.
ومن أبرز مؤلفاته:
قلائد الذكرى.
تدبر القرآن الكريم.
تتبع الرخص بين الشرع والواقع.