الحُر الآمن
الحُر الآمن
من أدرك بقلبه حقًّا أن الشريعة الإسلامية هي تنزيل من الله عز وجل لعباده لوقف على أحكامها متأمِّلًا حكمة الله عز وجل، وسعة علمه بعباده وبما هو الأصلح لهم، ولأدرك أن تنظيم التعاملات والحقوق فيه من السُنن التي قدَّرها الله عز وجل والتي لن تُضبط إلا بالمنهج الرباني، يقول العز بن عبد السلام (رحمه الله): “شريعة الإسلام مصالح من رب الأرباب لعباده”.
ودعونا تأمَّلنا قوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ﴾، ففي هذه الآية رحمة جليلة، فهي رحمة تشمل كل العباد إلا أن بها نوعًا من الألم لواحد فقط، فهي حماية للأمة بأكملها، كما أن بها رحمة للسارق نفسه، فعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وفي إقامة الحدود تكفير للذنب، وهذا ما ينساه من يقع في الشبهات، وينسى الدار الآخرة التي يُقتص فيها الحقوق، والعذاب في الآخرة أشد وأعظم، ولكن رحمة الله أشمل، وعلمه أوسع سبحانه.
يقول تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ﴾، فالقصاص وإن كان ظاهره موت واحد فأمامه حياة الناس جميعًا، فالمقصد العام من التشريعات بين العباد هو حفظ نظام الأمة، ومن تمام الحفظ ضمان الحقوق، فإن أطول آية في القرآن الكريم هي آية الدَيْن، وكأن أطول آية في كتاب الله جاءت لإقامة العدل وحفظ الحق، فقد ربط الله عز وجل الإشهاد والتوثيق بطاعته سبحانه، وهذا من جلال الشريعة وكمالها.
ومن ضمن الحفظ أيضًا حفظ الأفكار والوعي، ففي مسجد ضرار عبرة لكل من أراد أن يهدم الإسلام ولكنه يظهر بثوب الإسلام، وهذا هو سر تخليد القرآن لتلك الحادثة: ﴿والَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرارًا وكُفْرًا وتَفْرِيقًا بَيْنَ المُؤْمِنِينَ وإرْصادًا لِمَن حارَبَ اللَّهَ ورَسُولَهُ مِن قَبْلُ ولَيَحْلِفُنَّ إنْ أرَدْنا إلَّا الحُسْنى واللَّهُ يَشْهَدُ إنَّهم لَكاذِبُونَ﴾، فقد هُدم هذا المسجد ليُذكر المسلمين دومًا الحرص على التنبُّه في مقاصد المشاريع، وألا يغتروا بالتلون الخبيث.
الفكرة من كتاب مشارق الآي
إن شروق الشمس على الأرض يبعث الدفء والنور، ويجعل القلوب مسرورة لرؤية هذا الجمال، وهذا الشروق الأرضي له أثره الطيب الملموس، فما بالنا بشروق سماوي على القلوب؟ ماذا يحدث للقلب إن أشرقت عليه آيات الله، ففهمها واستخلص معناها، كيف يكون الجلال الحاصل؟ حين تشرق الآيات في القلوب فإنها تشع بأنوارها على الجوارح، فيكون المسلم قُرآنيًّا سمتًا وسلوكًا، فيكون نعم العبد!
وفي كتاب “مشارق الآي” يُقدم لنا الدكتور عبد اللطيف التويجري بعض الإشراقات لآيات القُرآن الكريم، ليُدرك القلب أن الذي غاب عن القُرآن قد فاته مشارق كثيرة.
مؤلف كتاب مشارق الآي
عبد اللطيف بن عبد الله التويجري: كاتب وداعية سعودي، حصل على الدكتوراه من كلية أصول الدين من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، له عددٌ من المقالات التربوية والدعوية، بجانب العديد من الخُطب المسموعة.
ومن أبرز مؤلفاته:
قلائد الذكرى.
تدبر القرآن الكريم.
تتبع الرخص بين الشرع والواقع.