حماية المُحبين
حماية المُحبين
وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يرفع عن عائشة (رضي الله عنها) كل ما يؤذيها، فيروي لنا النُعمان بن البشير (رضي الله عنه): جاءَ أبو بكرٍ يستأذنُ على النبيِّ (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ) فسمعَ عائشةَ وهي رافعةٌ صوتَها على رسولِ اللهِ (صلَّى اللهُ عليهِ وسلم) فأَذِنَ لهُ، فدخلَ فقال يا ابنةَ أمِّ رُومانَ -كُنية أم عائشة (رضي الله عنها) وتَنَاوَلَهَا -أي أمسك بها- أترفعينَ صوتَكِ على رسولِ اللهِ (صلَّى اللهُ عليهِ وسلم)؟! قال فحالَ النبيُّ بينَه وبينَها، قال: فلمَّا خرجَ أبو بكرٍ جعل النبيُّ (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ) يقولُ لها يترضَّاها ألا تَرَيْنَ أنِّي قد حُلْتُ بينَ الرجلِ وبينكِ؟ قال: ثم جاءَ أبو بكر، فاستأذنَ عليهِ، فوجدهُ يُضاحِكُهَا، فأَذِنَ لهُ، فدخلَ فقال لهُ أبو بكرٍ: يا رسولَ اللهِ أَشْرِكَانِي في سِلْمِكُمَا كما أَشْركتُماني في حَرْبكُمَا.
وفي يوم أرسَل أَزْوَاجُ النبيِّ (صَلَّى اللهُ عليه وسلم) فَاطِمَةَ بنْتَ رَسولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عليه وسلم) إلى رَسولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عليه وسلم)، فاستأذنت عليه فأذن لها، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ العَدْلَ في ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ، وَأَنَا سَاكِتَةٌ، فَقالَ لَهَا رَسولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عليه وسلم): أَيْ بُنَيَّةُ أَلَسْتِ تُحِبِّينَ ما أُحِبُّ؟ فَقالَتْ: بَلَى، قال: فأحِبِّي هذِه، فَقَامَتْ فَاطِمَةُ حِينَ سَمِعَتْ ذلكَ مِن رَسولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عليه وسلم) فَرَجَعَتْ إلى أَزْوَاجِ النبيِّ (صَلَّى اللهُ عليه وسلم) فأخْبَرَتْهُنَّ بالَّذِي قالَتْ، وَبِالَّذِي قالَ لَهَا رَسولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عليه وسلم).
وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يطمئن عائشة (رضي الله عنها) فيقول لها: كنْتُ لكِ كأبي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ إلا أنَّهُ طلَّقَهَا وأنِّي لا أُطَلِّقُكِ.
الفكرة من كتاب المُبرأة عائشة حبيبة حبيب الله
قد يهرب الإنسان إلى كثيرٍ من الأشياء ليخرج قليلًا من شدَّة الحياة، ولكن أجمل هؤلاء الذين يهربون إلى أشياء تدفعهم مرَّة أُخرى إلى الحياة، تدفعهم بلهفةٍ وشوق، تدفعهم بكُل حُبٍّ وعطاء، بكل اطمئنان وسرور، وأكثر الأمور التي تُعيد إلى الإنسان تلك الروح، أن يحيا بين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصحابتِه، والأجمل أن يشعر بدفء بيت رسول الله، أن يحيا مع قلب أمِّه عائشة (رضي الله عنها)، فيعرفها قبل أن يراها، ويعرف كيف كانت (رضي الله عنها) تملأ حياة رسول الله بالجمال والبساطة، وكيف كانت لها (رضي الله عنها) تلك المكانة الجليلة في قلب رسول الله.
مع كتابنا ننطلق معًا في زيارة لأمِّنا عائشة (رضي الله عنها) لنعرف المزيد عنها، وعن حياتها مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
مؤلف كتاب المُبرأة عائشة حبيبة حبيب الله
مؤيد عبد الفتاح حمدان: أستاذ الفقه الحنفي في جامعة العلوم الإسلامية العالمية، ومن مؤلفاته: “القرآن الصاحب الوفي”، و”أوراد أهل السنة والجماعة”، و”رمضان كما عاشه النبي”.