أفضل النساء
أفضل النساء
من العجيب في هذا الزمان أن ترى أحقر الناس يُخطئون في أعظمهم، فنرى هؤلاء الذي يفترون على أُمِّنا الصدِّيقة بنت الصدِّيق، وهي أطهر الطاهرات، وقد قال عنها رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “إنَّ فضلَ عائشةَ على النِّساءِ كفضل الثَّريدِ على سائرِ الطَّعامِ”، والثريد في طعام العرب لا يساويه طعام آخر، فقد انفردت أمنا عائشة بخصائص لم تكن لامرأة قط.
فنشأتها كانت في بيتٍ هو النصير الأوَّل لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وفي هذا تحكي أُمنا قائلةً: “لَمْ أعقِلْ أبوَيَّ قطُّ إلَّا وهما يدينانِ الدِّينَ، ولَمْ يمُرَّ علينا يومٌ إلَّا يأتينا فيه رسولُ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) طرَفَيِ النَّهارِ بُكرةً وعشيّةً، ثُمَّ بَدا لأبِي بَكْرٍ، فابْتَنَى مَسْجِدًا بفِناءِ دارِهِ، وكانَ يُصَلِّي فِيهِ، ويَقْرَأُ القُرْآنَ، فَيَنْقَذِفُ عليه نِساءُ المُشْرِكِينَ وأَبْناؤُهُمْ، وهُمْ يَعْجَبُونَ منه ويَنْظُرُونَ إلَيْهِ، وكانَ أبو بَكْرٍ رَجُلًا بَكّاءً، لا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إذا قَرَأَ القُرْآنَ، وأَفْزَعَ ذلكَ أشْرافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ”
وكانت هي البكر الوحيدة التي تزوَّجها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وقد كانت خطبتها من السماء، فقد رأى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في منامه أن جبريل (عليه السلام) جاء بصورتها في خرقة حرير خضراء إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: (هذه زوجتك في الدُنيا والآخرة)، فلما توفيت خديجة (رضي الله عنها) عرضت خولة بنت حكيم على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يتزوَّج بعد خديجة، وكانت البكر التي عرضتها عليه هي عائشة (رضي الله عنها).
فعقد عليها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهي بنت ست سنوات، وأُدخلت عليه وهي بنت تسع، وعاشت في رحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم تسع)، فمات رسول الله وهي بنت ثماني عشرة.
الفكرة من كتاب المُبرأة عائشة حبيبة حبيب الله
قد يهرب الإنسان إلى كثيرٍ من الأشياء ليخرج قليلًا من شدَّة الحياة، ولكن أجمل هؤلاء الذين يهربون إلى أشياء تدفعهم مرَّة أُخرى إلى الحياة، تدفعهم بلهفةٍ وشوق، تدفعهم بكُل حُبٍّ وعطاء، بكل اطمئنان وسرور، وأكثر الأمور التي تُعيد إلى الإنسان تلك الروح، أن يحيا بين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصحابتِه، والأجمل أن يشعر بدفء بيت رسول الله، أن يحيا مع قلب أمِّه عائشة (رضي الله عنها)، فيعرفها قبل أن يراها، ويعرف كيف كانت (رضي الله عنها) تملأ حياة رسول الله بالجمال والبساطة، وكيف كانت لها (رضي الله عنها) تلك المكانة الجليلة في قلب رسول الله.
مع كتابنا ننطلق معًا في زيارة لأمِّنا عائشة (رضي الله عنها) لنعرف المزيد عنها، وعن حياتها مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
مؤلف كتاب المُبرأة عائشة حبيبة حبيب الله
مؤيد عبد الفتاح حمدان: أستاذ الفقه الحنفي في جامعة العلوم الإسلامية العالمية، ومن مؤلفاته: “القرآن الصاحب الوفي”، و”أوراد أهل السنة والجماعة”، و”رمضان كما عاشه النبي”.