معنى الحياة بين الوجود والخسوف
معنى الحياة بين الوجود والخسوف
يشير الكاتب إلى الصراع الواضح بين المعاني المتأصلة والمنسوبة في إطار اللغة، فيذكر القصيدة كمثال، هل تكون معانيها جاهزة بالفعل ليلتقطها القاريء، أم أن القاريء هو صانع المعنى؟ وإن كنا صناع المعنى الذي أخذناه منها لنضيفه إليها، فكيف لها أن تدهشنا إذن؟ ويُسقط الكاتب هذا المعنى على الحياة ككل، ففي رأيه إن الحياة تصير كما نشكلها ولكن هل ستقاوم الحياة المعاني التي نضيفها عليها؟
بالنسبة للقصيدة، فإن الألفاظ تحمل معان متفق عليها أكثر من المعاني التي قد يضيفها أحدنا، وهذا لا يعني انعدام احتمالية الاختلاف على بعض المعاني، ويشير الكاتب إلى أن المعاني أعمال من صنع الإنسان، وأننا إن كنا نحمل الحرية المطلقة في فرض الأسئلة، فإن العالم قد يجيب بإجابات توجيهية لأن الواقع أكبر من أسئلتنا، وأكثر تجاوزًا لتأويلاتنا، وعليه لابد أن نحترم مزاج العالم وأن نتواضع لتوجيهاته!
ويرى أتباع الحداثة إمكانية انعدام معنى الحياة، وتجد الأعمال الفنية التي ظهرت في هذا العصر تركز على خسوف معنى الحياة، بينما تجد حركة ما بعد الحداثة تتعامل مع أفكار معنى الحياة بجزع، وبين الحداثة وما بعدها؛ أشار صمويل بيكيت إلى أن كلمته المفضلة “ربما”، ويحلل الكاتب في أحد فصول كتابه أعمال بيكيت، ويصفها بأن القليل منها هوا ما يتميز بالثبات والتناغم.
وأحيانًا يجب على الإنسان أن يختار بين المعنى والحياة، فالفيلسوف جاك لاكان يرى أن الفاعل الإنساني إما أن يعني الشيء أو أن يفعله، وعليه أن يختار بينهما ولا يختارهما معًا، كما يعرض الكاتب جانبًا من الأفكار الكئيبة ل شوبنهاور، والذي يرى مثلًا أن دافع الصداقة هو الملل، وأن إرادة البشر لا تختلف عن البوالب المرجانية؛ وذلك باعتبار الارادة قوة عديمة الشعور مجهولة، تتشابه مع القوة التي تحرك الأمواج.
الفكرة من كتاب معنى الحياة مقدمة قصيرة جدًا
في هذا الكتاب محاولة من المؤلف لإثارة أفكار سامية بلغة أقرب لطابع المرح أو السخرية، ويستهل المؤلف هذا الكتاب بالتساؤل حول سؤال “معنى الحياة”، ومن المؤكد أن عدم معرفة معنى الحياة هو جزء من معناها، ولعل سر استمرار الحياة يكمن في الجهل بحقيقتها، أو أن معنى الحياة أوسع من أن نتعايش معه، وعليه فإن الخيال سبب في استمرار الواقع وتحركه، والحياة باختلاف أشكالها، لها مقتضيات وطبيعة تساؤلات.
فالكاتب يتطرق لعدد من الأسئلة التي حيرت الفلاسفة على مر العصور، مثل: “كيف نشأ الوجود؟”، ولا شك أن هناك فارق ملحوظ بين الأسئلة الحقيقية والمزيفة، ومما يزيف الأسئلة؛ القواعد النحوية التي تتبعها، فربما ضللتنا تلك القواعد وجعلتنا نخلط بين الحقائق، وذلك لأن بعضها يخاطب الافتراضات الشخصية المترسخة في ذهن كل منا، وحول المعنى وحول الحياة، تدور فصول هذا الكتاب، لعل القاريء يجد فيه ضالته في التساؤل عن معنى الحياة.
مؤلف كتاب معنى الحياة مقدمة قصيرة جدًا
تيري إيجلتون: ناقد ومفكر بريطاني، من أبرز النقاد الأدبيين تأثرًا بالمعاصرين في بريطانيا، يعمل كأستاذ للأدب الإنجليزي في جامعة لانسيستر، كما عمل أستاذًا للأدب الإنجليزي في جامعة أكسفورد ومانشستر، للكاتب عدة مؤلفات؛ منها: مشكلات مع الغرباء، وفكرة الثقافة، وأوهام ما بعد الحداثة.
معلومات عن المترجم:
شيماء طه الريدي: مترجمة منذ عام 2003، تخرجت في قسم اللغة الانجليزية بكلية الألسن جامعة عين شمس عام 2000، ثم بدأت العمل في مجال الترجمة في إحدي دور النشر المصرية، عملت كمترجمة مستقلة مع مؤسسة هنداوي، ثم عملت فيها كمراجعة.
قامت بترجمة العديد من الأعمال، مثل: “ألغاز تاريخية محيرة”، و”لا تقدم العرض الأول أبدًا”، كما قامت بمراجعة العديد من المؤلفات، منها: “المساعدة الذاتية” و”التطوير الذاتي”