الحياة وطرح الأسئلة
الحياة وطرح الأسئلة
من البديهي أن طبيعة أي سؤال تحدد منظور الإجابة عليه، بل إن الأسئلة هي الأصعب وليست الأجوبة، فطرح الأسئلة المناسبة يطرح أبوابًا للمعرفة، كما ذكر كارل ماركس أن البشر لا يثيرون الإشكاليات إلا بالقدر الذي يستطيعون حله، وعليه فإن الأسئلة تُطرح عادة من خلال سياق معين، وهذا يوجه الإجابة إلى اتجاهات معينة؛ من بينها يوجد الحل.
ويذكر الكتاب في مؤلفه العديد من الحقائق المتعلقة بطرح الأسئلة؛ ومن هذه الحقائق مسألة تخير الوقت المناسب للتساؤل، ومسألة أخرى تتعلق بالإجابة، فلا يمكن الإجابة على كل الأسئلة، فنحن لا ندري مثلا عدد الشعرات المسجلة في رأس نابليون حين وفاته، وذلك لأن المخ البشري غير مؤهل لحسم كل الأمور، وذلك ربما بسبب غياب الحاجة التطورية للقيام بذلك.
ويمكن تناول سؤال معنى الحياة من عدة أوجه، فالرياضة على سبيل المثال توفر إجابة لهذا التساؤل؛ لأن أحدهم قد يخبرنا أن معنى الحياة بالنسبة له يتمثل في كرة القدم، فالرياضة في بعض البلدان تحل محل القضايا النبيلة؛ وذلك من منطلق الإيمان الديني والسيادة القومية والهوية العرقية، وعلى حد تعبير الكاتب؛ فإن الرياضة تحولت من كونها أفيون الشعوب لكونها كوكايين الشعوب.
وبوجه عام فإن شعوب ما قبل الحداثة لم تكترث بشكل كبير للتساؤل عن معنى الحياة، وذلك مقارنة بالشعوب الحالية، وهذا يرجع لمعتقداتهم الدينية وممارساتهم الاجتماعية، كما يشير الكاتب إلى أن معنى الحياة يقتضي العيش بأسلوب معين، وأنه لا ينفصل عن الحياة، وإنما هو ما يجعلها تستحق أن تعاش، وعليه فإن معنى الحياة هو الحياة ذاتها بعد تحديد طريقة إدراكها.
الفكرة من كتاب معنى الحياة مقدمة قصيرة جدًا
في هذا الكتاب محاولة من المؤلف لإثارة أفكار سامية بلغة أقرب لطابع المرح أو السخرية، ويستهل المؤلف هذا الكتاب بالتساؤل حول سؤال “معنى الحياة”، ومن المؤكد أن عدم معرفة معنى الحياة هو جزء من معناها، ولعل سر استمرار الحياة يكمن في الجهل بحقيقتها، أو أن معنى الحياة أوسع من أن نتعايش معه، وعليه فإن الخيال سبب في استمرار الواقع وتحركه، والحياة باختلاف أشكالها، لها مقتضيات وطبيعة تساؤلات.
فالكاتب يتطرق لعدد من الأسئلة التي حيرت الفلاسفة على مر العصور، مثل: “كيف نشأ الوجود؟”، ولا شك أن هناك فارق ملحوظ بين الأسئلة الحقيقية والمزيفة، ومما يزيف الأسئلة؛ القواعد النحوية التي تتبعها، فربما ضللتنا تلك القواعد وجعلتنا نخلط بين الحقائق، وذلك لأن بعضها يخاطب الافتراضات الشخصية المترسخة في ذهن كل منا، وحول المعنى وحول الحياة، تدور فصول هذا الكتاب، لعل القاريء يجد فيه ضالته في التساؤل عن معنى الحياة.
مؤلف كتاب معنى الحياة مقدمة قصيرة جدًا
تيري إيجلتون: ناقد ومفكر بريطاني، من أبرز النقاد الأدبيين تأثرًا بالمعاصرين في بريطانيا، يعمل كأستاذ للأدب الإنجليزي في جامعة لانسيستر، كما عمل أستاذًا للأدب الإنجليزي في جامعة أكسفورد ومانشستر، للكاتب عدة مؤلفات؛ منها: مشكلات مع الغرباء، وفكرة الثقافة، وأوهام ما بعد الحداثة.
معلومات عن المترجم:
شيماء طه الريدي: مترجمة منذ عام 2003، تخرجت في قسم اللغة الانجليزية بكلية الألسن جامعة عين شمس عام 2000، ثم بدأت العمل في مجال الترجمة في إحدي دور النشر المصرية، عملت كمترجمة مستقلة مع مؤسسة هنداوي، ثم عملت فيها كمراجعة.
قامت بترجمة العديد من الأعمال، مثل: “ألغاز تاريخية محيرة”، و”لا تقدم العرض الأول أبدًا”، كما قامت بمراجعة العديد من المؤلفات، منها: “المساعدة الذاتية” و”التطوير الذاتي”