شعب الله المختار
شعب الله المختار
تدندن الصهيونية كثيرًا حول أسطورة الشعب المختار، فهم يعتبرون أنفسهم ذوي حظوة عند الرب دون غيرهم من الأمم، واستنادًا إلى هذا الزعم يقسِّم اليهود الصهاينة العالم إلى قسمين فيضعون اليهود في كفة ويخلعون عليهم كل أوصاف المدح والتمجيد، وفي الجهة المقابلة يضعون باقي شعوب الأرض في كفة أخرى، وهم يستحقون –وفق زعمهم– كل أشكال الحط والسخرية والاحتقار وتسميتهم بألفاظ السباب والشتائم، فهم لم يُخلقوا إلا لخدمة اليهود، الأمر الذي جعلهم تمادوا بعد ذلك فسوَّغوا لأنفسهم حق السيطرة على العالم ما داموا هم أبناء الله وأحباءه وما عداهم نكرة لا يُنظر إليهم!
وتوضِّح تلك الخرافة بجلاء مدى هشاشة العقلية الصهيونية، فدعوى تفضيل الله لهم كقبيلة أو كعرق أو كجنس على باقي العالم هو من الأكاذيب الباطلة وحمل النصوص الدينية –إن صحَّت– على غير وجهها الصحيح، فالتفضيل إنما كان بمعنى الاختيار والتخصيص، أي باختصاصهم بالأنبياء والدعوة، كما أنه كان مقيدًا بقيدين أحدهما زماني والآخر إيماني، أي إن التفضيل الحاصل لبني إسرائيل إنما كان مختصًّا بفترة زمنية محددة، كما أنه في الوقت نفسه مشروط بإقامة اليهود أحكام التوراة الخالصة، وإلا فكيف يكافئ الله قومًا كفروا به وعبدوا العجل وطلبوا من موسى أن يعبدوا الأصنام وراوغوا الله في قضية البقرة وصيد السمك يوم السبت وأخفقوا في كل الاختبارات ولم يظهروا لله وقارًا؟!
ثم من قال إن يهود اليوم هم يهود الأمس؟! فاليهودية كغيرها من الديانات دخلها الكثير من المِلَل والنِّحَل والأعراق والجماعات، الأمر الذي يصبح معه من الصعوبة بمكان إثبات نسب اليهود اليوم إلى الآباء الأُول من عصر إسحاق ويعقوب (عليهما السلام)، واستنادًا إلى ذلك تكون فكرة نقاء العرق اليهودي هي الأخرى محل جدل كبير، ويصبح هذا الإحساس المقيت بالتميز والاستعلاء والاستكبار والتعصب ليس له ما يبرِّره كما تروِّج له الآلة الإعلامية للصهيونية العالمية.
الفكرة من كتاب الأساطير المؤسِّسة للسياسة الإسرائيلية
كيف تحولَّت فكرة قومية إلى حركة استعمارية تقوم على الرجعية والإرهاب لتفزع جيرانها من العرب وتحتل بعد ذلك من ترابهم المقدس ما تصل إليه الأقدام الدنسة لجنودها، مستبيحة القيام بالمذابح البشعة في حق الفلسطينيين من دير ياسين وكفر قاسم إلى يافا ومؤخرًا حي الشيخ جراح في غزة، فما هي تلك الصهيونية؟ وفي أيَّة ظروف تكوَّنت؟ وكيف استطاعت التعمية على مخططاتها؟ من هنا كانت أهمية هذا الكتاب، إذ ينسج الكاتب لوحة فنية من قماش الوقائع والأحداث للإجابة عن كل تلك الأسئلة، كما يسهب كذلك في الرد على معظم الحجج والمزاعم التي يثيرها صهاينة العصر الحديث في وسائل الإعلام المختلفة.
مؤلف كتاب الأساطير المؤسِّسة للسياسة الإسرائيلية
روجيه جارودي : فيلسوف وكاتب فرنسي، وُلد في 17 يوليو 1913 في فرنسا، حصل جارودي على درجة الدكتوراه الأولى سنة 1953 من جامعة السوربون عن النظرية المادية في المعرفة، ثم حصل على درجة الدكتوراه الثانية عن الحرية عام 1954 من جامعة موسكو، اعتنق الإسلام 1982، ونال جائزة الملك فيصل العالمية سنة 1985 عن خدمة الإسلام، كما حصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة قونية في تركيا سنة 1995، وتوفي في 13 يونيو 2012.
له العديد من المؤلفات منها: “وعود الإسلام”، و”الإسلام يسكن مستقبلنا”، و”الإرهاب الغربي”، و”نحو حرب دينية”.
معلومات عن المترجم:
الدكتور محمد هشام: كاتب وشاعر، مدرس الأدب الإنجليزي في جامعة حلوان، بمصر، شارك في إعداد “موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية” التي أشرف عليها الدكتور عبد الوهاب المسيري، وصدرت عام 1999، صدرت له عدة بحوث وترجمات في مجال الصراع العربي الصهيوني، منها: “الفلسطينيون عبر الخط الأخضر”، تأليف ألكسندر شولش وآخرين (1986)، كما صدرت له عدة ترجمات أدبية لعدد من الكتاب، من بينهم بابلو نيرودا، وإملي ديكنسون، ووليام بتلر ييتس، وماتسو باشو، وغيرهم.