ما هي الصهيونية؟
ما هي الصهيونية؟
في ظل هذا الانزياح من الأنظمة العربية ناحية التطبيع مع الكيان الصهيوني وتسويغ شرعيته وتبرير البعض جميع ممارساته! تعد معرفة الصهيونية اليوم من المطالب الأساسية لتشكيل الوعي العربي، فالحكم على الشيء فرع عن تصوره، لا سيما وهي مركز تلك الدائرة من الشرور التي اتسعت لتشمل الوطن العربي بأكمله وفي القلب منها فلسطين الحبيبة، وربما تتسع تلك الدائرة لتشمل العالم أجمع، فالصهيونية تعد تجسيدًا واقعيًّا لاستغلال الدين وليِّ أعناق النصوص لخدمة الأجندة السياسية، حتى أصبحت تلك السياسة لغزًا يستعصي فهمه على المواطن اليهودي البسيط.
فهي في الأساس حركة سياسية تُنسب إلى الصحفي اليهودي تيودور هرتزل، وهي حركة قومية بامتياز تم تغليفها بغطاء من الدين لجذب الأتباع من مختلف الأصقاع، حيث نادى هرتزل بإنشاء وطن قومي لليهود، وتم طرح العديد من الدول لاستضافة هذا الوطن، لكن لما لم يجد أتباعًا لفكرته، بدأ بالعزف على وتر الدين واستنهض ركامًا من التراث اليهودي لإضفاء نوع من القداسة على فكرته فانساقت وراءه النعاج اليهودية واحدة تلو الأخرى، فللعقيدة وسط الجماعات صيحة حشد ذات سطوة لا تقاوم، ذلك أنها أسيرة آلهتها الدينية.
ولكي تكتمل تلك المسرحية كشفت الصهيونية عن وجهها الاستعماري القبيح، فكل الوسائل مباحة في سبيل قيام إسرائيل الكبرى، وبدأت أولى الخطوات في مؤتمر بازل في سويسرا خلال العام 1897م، حيث بدأت الفكرة الأساسية تتبلور بصورة أكثر وضوحًا، وتم العزف على أوتار أفكار من قبيل العودة، أرض الميعاد والوطن التاريخي، الأمر الذي أدَّى إلى قلب أساس العقيدة اليهودية رأسًا على عقب، فاليهودية قامت في الأصل على فكرة شتات اليهود إلى حين نزول المسيح المخلِّص ليجمع اليهود من شتاتهم، ولكن بفعل قوى الضغط الدولية وتأييد الدول العظمى في ذلك الوقت استطاعت الصهيونية أن تغيِّر الميول والاتجاهات في أوساط الرأي والمجتمعات.
الفكرة من كتاب الأساطير المؤسِّسة للسياسة الإسرائيلية
كيف تحولَّت فكرة قومية إلى حركة استعمارية تقوم على الرجعية والإرهاب لتفزع جيرانها من العرب وتحتل بعد ذلك من ترابهم المقدس ما تصل إليه الأقدام الدنسة لجنودها، مستبيحة القيام بالمذابح البشعة في حق الفلسطينيين من دير ياسين وكفر قاسم إلى يافا ومؤخرًا حي الشيخ جراح في غزة، فما هي تلك الصهيونية؟ وفي أيَّة ظروف تكوَّنت؟ وكيف استطاعت التعمية على مخططاتها؟ من هنا كانت أهمية هذا الكتاب، إذ ينسج الكاتب لوحة فنية من قماش الوقائع والأحداث للإجابة عن كل تلك الأسئلة، كما يسهب كذلك في الرد على معظم الحجج والمزاعم التي يثيرها صهاينة العصر الحديث في وسائل الإعلام المختلفة.
مؤلف كتاب الأساطير المؤسِّسة للسياسة الإسرائيلية
روجيه جارودي : فيلسوف وكاتب فرنسي، وُلد في 17 يوليو 1913 في فرنسا، حصل جارودي على درجة الدكتوراه الأولى سنة 1953 من جامعة السوربون عن النظرية المادية في المعرفة، ثم حصل على درجة الدكتوراه الثانية عن الحرية عام 1954 من جامعة موسكو، اعتنق الإسلام 1982، ونال جائزة الملك فيصل العالمية سنة 1985 عن خدمة الإسلام، كما حصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة قونية في تركيا سنة 1995، وتوفي في 13 يونيو 2012.
له العديد من المؤلفات منها: “وعود الإسلام”، و”الإسلام يسكن مستقبلنا”، و”الإرهاب الغربي”، و”نحو حرب دينية”.
معلومات عن المترجم:
الدكتور محمد هشام: كاتب وشاعر، مدرس الأدب الإنجليزي في جامعة حلوان، بمصر، شارك في إعداد “موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية” التي أشرف عليها الدكتور عبد الوهاب المسيري، وصدرت عام 1999، صدرت له عدة بحوث وترجمات في مجال الصراع العربي الصهيوني، منها: “الفلسطينيون عبر الخط الأخضر”، تأليف ألكسندر شولش وآخرين (1986)، كما صدرت له عدة ترجمات أدبية لعدد من الكتاب، من بينهم بابلو نيرودا، وإملي ديكنسون، ووليام بتلر ييتس، وماتسو باشو، وغيرهم.