ما يغفل عنه الناس
ما يغفل عنه الناس
كثرت نماذج الغافلين على مر التاريخ، وتعددت الأمور التي يغفلون عنها، وأكثر الغافلين من غفلوا عن تعلم دين الله فأدت بهم إلى الجهل ثم إلى ارتكاب المعاصي حتى قست قلوبهم، وهذا الجهل هو من شتت بين المسلمين وأضاع عليهم اتباع السُنة، فقد روى القاضي أبو بكر ابن العربي المالكي قصة تدل على مآلات الجهل فقال: “زار الشيخ الطرطوشي أحد فقهاء عصره من أهل المشرق الأندلس، ودخل يصلي في مسجد أحد الثغور، وكان ابن العربي في ذلك المسجد فصلى الشيخ الطرطوشي النافلة، وكان يرفع يديه مع تكبيرة الركوع، وعند الرفع منه، وهذا الرفع ثابت عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، ولكن هناك رواية مشهورة عند المالكية شاعت في أهل الأندلس: أنه لا رفع في هاتين الحالتين، فلما فعل الشيخ الطرطوشي -وهو ممن يتبع السنة- هذا الأمر وهو مخالف للمشهور من المذهب، استنكر هذا الرفع رئيس البحر، وكان بجانب ابن العربي ينتظر الصلاة، فأمر بعض جنوده أن يقوم إلى الشيخ الطرطوشي فيقتله ويرميه في البحر، قال ابن العربي: فطار قلبي من بين جوارحي، وقلت: سبحان الله! هذا الطرطوشي فقيه الوقت، فقالوا لي: ولِمَ يرفع يديه؟ فأخبرهم أن تلك سنة عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، وهي رواية عند المالكية، لكن ليست هي الرواية المشهورة في المذهب، وما زال بهم حتى سكنوا”، فانظر كيف استباحوا دم مسلم مثلهم مُتبع السُنة، لكنه يُخالفهم عما اشتهروا به.
ويغفل الناس عن تعلم القرآن وتعليمه وفَهم معانيه، ويغفلون أيضًا عن قوت قلوبهم وأنفسهم ألا وهو ذكر الله والأذكار، فيعيشون في ضنك وخوف، يقول الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا﴾، وأكثر ما يغفل عنه الناس استحضار النية لكل عمل، فعمل بلا نية هباء، أيضًا الغفلة عن ترتيب الأعمال الشرعية من حيث فضلها، وكل ذلك يترتب على غفلة الناس الكبرى عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى دين الله.
الفكرة من كتاب الغفلة
تتسلل إلى الإنسان بطبيعة حياته مُنغصات قد تُعكر صفو حياته، فما بالك بدينه الذي يحاربه فيه شياطين الإنس والجن، فقد يتعرض المسلم لانتكاسات ومعوقات عديدة في رحلته بالحياة، ومن أفسد ما يدخل على قلب المسلم الغفلة، وقد يُغالبها الإنسان في أعماله بالمجاهدة والمُقاربة إذا اتبع أمر النبي (صلى الله عليه وسلم)، فعن السيدة عائشة (رضي الله عنها) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: “سَدِّدوا وقارِبوا واعلموا أنه لن يُدخِلَ أحدَكم عملُه الجنَّةَ، وأنَّ أحبَّ الأعمالِ إلى الله أدومُها وإن قَلَّ”، فالله عز وجل يحب من يجاهد في سبيله وإن قلت سُبله وجهده، ولا يترك نفسه لغفلاته ومُلهيات الحياة الدنيا.
وفي هذا الكتاب يعرض الكاتب تعريف الغفلة وأسبابها وكيف يعالجها المسلم.
مؤلف كتاب الغفلة
محمد صالح المُنجد: داعية سوري، تلقى تعليمه في المملكة العربية السعودية، ونال درجة البكالوريوس من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، توجه إلى الدعوة إلى الله، وعمل إمامًا وخطيبًا في المنطقة الشرقية، وله برامج عديدة دينية ودعوية، وهو مؤسس موقع الإسلام سؤال وجواب.
له عدة مؤلفات منها: “أربعون نصيحة لإصلاح البيوت”، و”أريد أن أتوب ولكن!”، و”شكاوى وحلول”، و”ظاهرة ضعف الإيمان”، و”أخطار تهدد البيوت”، و”سلسلة مفسدات القلوب”، و”سلسلة أعمال القلوب”.