أسباب الغفلة
أسباب الغفلة
حين يُصاب المرء بداء فأول ما يسعى إليه هو الذهاب إلى الطبيب لفحصهِ، ويتشاور معه في عدة أسئلة حتى يتم التوصل إلى ماهية المرض وكيفية علاجه، وكذلك يجب على المسلم أن يفحص قلبه من مفسداته، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ”.
ولكي يواجه المسلم أعظم مفاسد قلبه -وهي الغفلة- يجب عليه أن يتعرف إلى أسبابها، وللغفلة أسباب عديدة منها: السعي لراحة الجسد دون تعب، وحرص الإنسان على ملذات الحياة الدنيا وشهواتها حتى يصل به إلى ارتكاب المحرمات، وموت القلب، وموت الشعور بالذنب والتقصير، فالنفس اللوامة دائمًا ما تعيد المسلم كي يُعيد حساباته، لكن إن ما أنكرت النفس تقصيرها وأعجبت بنفسها هلكت ومات قلبها، من ضمن الأسباب أيضًا اتباع المرء الهوى حتى يغفل ويضل، يقول الله تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾، أيضًا كثرة العمل الذي يصل بالمرء إلى الغفلة عن الطاعات وعن نفسه.
ومن أسباب الغفلة أيضًا؛ كثرة الألعاب والرياضات المُلهية، فعن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: “من سكَنَ الباديةَ جفا، ومَن اتَّبَعَ الصيدَ غَفَلَ، ومَن اتَّبَعَ السلطانَ افْتُتِنَ”، فما بالك بألعابنا الحديثة الإلكترونية التي يغفل فيها المرء عن صلاته ويضيع فيها وقته حتى يسقط في فتنة نفسه، وتعد الرفاهية المُلهية الباذخة، والركون إلى الدنيا والأماني الزائفة حتى يسوف التوبة إلى الله ومحاسبة النفس من أسباب الغفلة أيضًا، فعن سيدنا علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) أنه قال: “من أطال الأمل أساء العمل”، كذلك مخالطة أهل الغفلة والفاسقين، كما جاء في قوله عز وجل ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾، وأخيرًا كثرة الانغماس والانشغال بالمباحات والترفيه.
الفكرة من كتاب الغفلة
تتسلل إلى الإنسان بطبيعة حياته مُنغصات قد تُعكر صفو حياته، فما بالك بدينه الذي يحاربه فيه شياطين الإنس والجن، فقد يتعرض المسلم لانتكاسات ومعوقات عديدة في رحلته بالحياة، ومن أفسد ما يدخل على قلب المسلم الغفلة، وقد يُغالبها الإنسان في أعماله بالمجاهدة والمُقاربة إذا اتبع أمر النبي (صلى الله عليه وسلم)، فعن السيدة عائشة (رضي الله عنها) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: “سَدِّدوا وقارِبوا واعلموا أنه لن يُدخِلَ أحدَكم عملُه الجنَّةَ، وأنَّ أحبَّ الأعمالِ إلى الله أدومُها وإن قَلَّ”، فالله عز وجل يحب من يجاهد في سبيله وإن قلت سُبله وجهده، ولا يترك نفسه لغفلاته ومُلهيات الحياة الدنيا.
وفي هذا الكتاب يعرض الكاتب تعريف الغفلة وأسبابها وكيف يعالجها المسلم.
مؤلف كتاب الغفلة
محمد صالح المُنجد: داعية سوري، تلقى تعليمه في المملكة العربية السعودية، ونال درجة البكالوريوس من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، توجه إلى الدعوة إلى الله، وعمل إمامًا وخطيبًا في المنطقة الشرقية، وله برامج عديدة دينية ودعوية، وهو مؤسس موقع الإسلام سؤال وجواب.
له عدة مؤلفات منها: “أربعون نصيحة لإصلاح البيوت”، و”أريد أن أتوب ولكن!”، و”شكاوى وحلول”، و”ظاهرة ضعف الإيمان”، و”أخطار تهدد البيوت”، و”سلسلة مفسدات القلوب”، و”سلسلة أعمال القلوب”.