أصالة الإنسان
أصالة الإنسان
هل اهتم الإنسان بمعرفة نفسه؟ في الواقع إن اهتمام الإنسان بالإجابة على هذا السؤال اختلف على مر الزمان، فقد بلغ أوجَه في العصور اليونانية والرومانية القديمة وانحسر قليلًا بعد ذلك، بل مؤخرًا قد تم تجاهل هذا التساؤل في عصر العلم التجريبي والتقدم التقني والتكنولوجي.
معرفة الإنسان هي معرفة النفس الإنسانية، اكتشافٌ لأصل الإنسان وعقله وشعوره حتى يستطيع استبدال ظُلمة اللاوعي بإشراقة الوعي، والحقيقة أن فهم الإنسان لذاته ليس من الترف أو من ثانويات الأمور لأنه سبيل لفهم الحياة كلها وفهم لماهية وغائية الوجود الإنساني، وعلى الرغم من كل هذا التقدم العلمي والتطور الباهر في عالم ما حول الإنسان وفي الطبيعة إلا أن الإنسان لم يُصِب سعادته بعد، ألا يمثل هذا لغزًا بعض الشيء! فكيف مع تسخير الإنسان لكل شيء في خدمته لا يجد السعادة؟ وسبب ذلك في إيجاز مُخل هو بقاء الإنسان مجهولًا لنفسه.
فهم أصالة الإنسان هو فهم لنفسه ووجوده وقيمه وعلاقته بالله وعلاقته بما حوله من موجودات، ومنذ الحضارة اليونانية اهتمُّوا بوصف علاقة الإنسان بالآلهة وعرضوا ذلك في أساطيرهم ووصفوها بأنها علاقة “تقابل وتنافس وعداء”، فالآلهة في نظرهم هم أعداء الإنسان يهدفون إلى إلحاق الضرر به، كانت الحرب بين الإلهة والإنسان في نظرهم هي “حرب وعي” لأن الآلهة تمتلك الوعي والقوة والسلطة والسمو والإنسان على النقيض تمامًا من ذلك، ومن المفترض أن الآلهة تبذل ما في وسعها لضمان عدم وصول الإنسان إلى الوعي والمعرفة حتى لا ينازعها وجودها، ويوضح الكاتب أن ذلك التصور -رغم خطئه- كان مناسبًا لزمانهم لأن تلك الآلهة بالنسبة لهم هي مظاهر الطبيعة المختلفة من حولهم التي تتحكَّم بهم، وعلى هذا النسق في تصوُّر العلاقة بين الإنسان والإله سارت الأفكار وتشكَّلت المدارس الفلسفية والفكرية بعد ذلك.
الفكرة من كتاب الإسلام ومدارس الغرب
“إن الإنسان ابتعد عن نفسه ونسيها بقدر ما اهتمَّ بالعالم خارجه وتقدم فيه”، بهذا الاقتباس افتتح الكاتب كلامه عن تجاهل الإنسان البحث في نفسه وروحه وتفسير أصالته في العصر الحديث، ولذلك ابتعدت السعادة عن حياته وصار يبحث عن تلك السعادة الغائبة في كل مكان إلا نفسه، وطالما لم يجد الطريق الحق لفهم نفسه فلن يصل إليها.
يتحدث الكاتب بدايةً عن المدارس الغربية الفلسفية التي تفسر وجود الإنسان وماهيته، ثم يوضح التصورات الوجودية المختلفة عن الإنسان، ويطيل الحديث عن الماركسية وأفكارها وفشلها، ويفسر لماذا يتجاهل الإنسان الغربي الطريق الديني ويتجه إلى الإلحاد؟ مُبينًا قيمة الإسلام ودور المثقفين المسلمين وموقعهم من العالم الآن.
مؤلف كتاب الإسلام ومدارس الغرب
علي شريعتي، مفكر إيراني مسلم شيعي ولد في خُراسان 1933 وتخرج في كلية الآداب وذهب في بعثة إلى فرنسا لدراسة علم الأديان وعلم الاجتماع ليحصل على شهادة الدكتوراه، تُعد كتبه وأفكاره من ضمن العوامل التي أسهمت في الثورة الإيرانية والإطاحة بنظام الشاه، من أهم مؤلفاته: “مسؤولية المثقف”، و”العودة إلى الذات”، و”الإسلام والإنسان”، و”بناء الذات الثورية”.