رحلة الإسراء والمعراج
رحلة الإسراء والمعراج
رحلة الإسراء والمعراج، من مكة إلى بيت المقدس، رحلة لم تُصدِّقها قريش، وكذَّبت قول الصادق الأمين لعجز عقولها عن تصوُّر ما جاء به من لا ينطق عن الهوى، لكنهم برغم سمته الصادق فإن الحكاية كانت أعظم من تصوُّراتهم.
إن الله (عز وجل) قد جعل الإسراء والمعراج آيتين نعرف بهما أن عقولنا البشرية وعلومنا الأرضية ليست هي المقياس الحقيقي للصحة والبطلان، فلا ننكر المعراج لقصور عقلنا وعجزنا عن فهمه، كما أنكرت قريش الإسراء لأنها لم تصدقه أو تفهمه.
إن المسافات والأحجام ما هي إلا أمور نسبية، فعلى سبيل المثال: هذا الفضاء الهائل هو فراغ في وسط كرة عظيمة مطبقة، والكواكب ما هي إلا مصابيح تُزيِّن الكرة، هذه هي السماء الدنيا، وهي وسط كرة أكبر منها هي السماء الثانية، بين السماءين فراغ هائل عظيم، والسماء الثانية هي في وسط كرة ثالثة هي السماء الثالثة، وبينهما فراغ هائل، وهكذا حتى نصل إلى السماء السابعة، وبين كل سماء وسماء فراغ فيه كواكب ومخلوقات لا يمكن حصرها والإلمام بها، فهذا مما لا يمكن للعقل البشري أن يُدركه، وإذا كانت كل هذه من مخلوقات الله، فكيف بالخالق؟ الخالق سبحانه الذي برأها، والذي يطوي السماوات والأرض بيمينه، وقال للكون كله بما فيه: “كن” فكان، القادر سبحانه الذي لا يُعجزه شيء ولو أن يعرج بعبده محمد (صلى الله عليه وسلم) إلى الملأ الأعلى، فكان نبي الله محمد (صلوات ربي عليه وسلامه) هو البشري الأوحد الذي رأى هذه العوالم قبل موته، ورأى حقيقة الأرض بالنسبة للسماء، ورأى ما هذه الدنيا بالنسبة إلى جنة عرضها كعرض السماوات والأرض، فاستصغر شأنها وعلت همَّته وتوجه ببصره صوب الآخرة، فكان هذا هو المعراج! إن رحلة الإسراء والمعراج رحلة نبوية، والتصديق بها هو رحلة الإيمان لكل عبد يؤمن بالله ورسوله.
الفكرة من كتاب سيد رجال التاريخ محمد
يُعد هذا الكتاب الذي بين أيدينا من كتب الشمائل والسيرة اللطيفة العبارة، صغيرة الحجم، والعامرة بمشاعر الولاء والانتماء إلى نبي الله محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
وقد اعتاد علي الطنطاوي الكتابة والتحدُّث عن الهجرة في أول كل سنة هجرية على مر سنين حياته (رحمه الله)، كما اعتاد الكتابة والحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أيضًا في يوم مولده.
ينقسم الناس أمام معرفة الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى فريقين اثنين، فريق ينتسب إلى الإسلام يقلِّد خصوم الإسلام، ويقرِّر أن محمدًا (صلى الله عليه وسلم) كان عبقريًّا، ويسكت عن جانب الرسالة أو ينكره، وفريق رفعه فوق البشرية، ونسب إليه ما لم يقع، والحقيقة ليست هنا ولا هناك، فالرسول (صلى الله عليه وسلم) كان بشرًا ولكنه بمزاياه كان فوق البشر، وكان يوحى إليه من رب البشر سُبحانه، يقول الله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ﴾.
مؤلف كتاب سيد رجال التاريخ محمد
الشيخ علي الطنطاوي: (23 جمادى الأولى 1327 هـ 12 يونيو 1909م – 18 يونيو عام 1999م الموافق 4 ربيع الأول 1420 هـ) هو فقيه وأديب وقاضٍ سوري، ويُعدُّ من كبار أعلام الدعوة الإسلامية والأدب العربي في القرن العشرين، وعمل منذ شبابه في سلك التعليم الابتدائي والثانوي في سوريا والعراق ولبنان حتى عام 1940، وقد ترك التعليم ودخل سلك القضاء، فأمضى فيه خمسة وعشرين عامًا.
أشهر مؤلفاته: “أعلام التاريخ”، و”حكايات من التاريخ”، و”ذكريات علي الطنطاوي”، و”فتاوى علي الطنطاوي”، و”قصص من الحياة”، و”من حديث النفس”، و”من نفحات الحرم”، والعديد من المؤلفات الأخرى.