سيدنا محمد رسول الله النبي المُصطَفى
سيدنا محمد رسول الله النبي المُصطَفى
إن الآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة قد بيَّنت أن محمدًّا (صلى الله عليه وسلم) وُلِد ورُبِّي كما كان يحدث لأبناء قريش، غير أن الله سبحانه عصمه من عبادة الأصنام ومن الغشِّ والكذب ومن كل ذنوب اللسان، ونزِع من قلبه الشريف كل شر، فكان (صلوات ربي وسلامه عليه) على خلقٍ عظيم، لم يكن على مثل خلقه بشر في كل العصور البشرية.
ثم بُعِثَ رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم) بـ”لا إله إلا الله”، بدأ بالدعوة إليها، ثم أُمِر بأن يُقاتل عليها، وجاء بالقرآن فحاربه أعداء الله، ومنعوا القارئين من تلاوته، وهربوا منه كي لا يسمعوه، فإذا سمعها أحدهم تبدَّل حاله وتغيَّر مآله وصار بعدها رجلًا غير الذي قد كان من قبلها، ودونك عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) عندما سمع القرآن، وتحوَّل من الكفر إلى الإيمان، واستحالت غلظته بين الأنام إلى رقة بعد الإسلام، وحكم وحده إحدى عشرة حكومة من حكومات هذه الأيام فصار خير حاكم وأعدل إمام.
كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعيش بالدعوة، ويعيش للدعوة، وكان هواه تُبَّعًا لما أُنزل إليه من ربه، وكل ما يصله بالناس من أسباب القرابة والصداقة والمنفعة يقطعه طوعًا إذا اعترض طريق الدعوة لأن رضا الله وحده غايته.
إن مفتاح شخصية الرسول (صلى الله عليه وسلم) هو القوة؛ القوة المادية والقوة الروحية، وقوة الجسد تكون بالانتصار على المقاومة المادية، وقوة القلب هي الظفر في المعارك، وفوق كل ذلك قوة أكبر وهي قوة الخُلُق الشريف، وهي انتصار نفسه على طبيعتها ورغباتها وميولها، فمن مثله (صلى الله عليه وسلم)، إذ عفا عن وحشي قاتل حمزة لما أسلم، غير أنه (صلى الله عليه وسلم) لم يكن يتحمَّل رؤيته.
الفكرة من كتاب سيد رجال التاريخ محمد
يُعد هذا الكتاب الذي بين أيدينا من كتب الشمائل والسيرة اللطيفة العبارة، صغيرة الحجم، والعامرة بمشاعر الولاء والانتماء إلى نبي الله محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
وقد اعتاد علي الطنطاوي الكتابة والتحدُّث عن الهجرة في أول كل سنة هجرية على مر سنين حياته (رحمه الله)، كما اعتاد الكتابة والحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أيضًا في يوم مولده.
ينقسم الناس أمام معرفة الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى فريقين اثنين، فريق ينتسب إلى الإسلام يقلِّد خصوم الإسلام، ويقرِّر أن محمدًا (صلى الله عليه وسلم) كان عبقريًّا، ويسكت عن جانب الرسالة أو ينكره، وفريق رفعه فوق البشرية، ونسب إليه ما لم يقع، والحقيقة ليست هنا ولا هناك، فالرسول (صلى الله عليه وسلم) كان بشرًا ولكنه بمزاياه كان فوق البشر، وكان يوحى إليه من رب البشر سُبحانه، يقول الله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ﴾.
مؤلف كتاب سيد رجال التاريخ محمد
الشيخ علي الطنطاوي: (23 جمادى الأولى 1327 هـ 12 يونيو 1909م – 18 يونيو عام 1999م الموافق 4 ربيع الأول 1420 هـ) هو فقيه وأديب وقاضٍ سوري، ويُعدُّ من كبار أعلام الدعوة الإسلامية والأدب العربي في القرن العشرين، وعمل منذ شبابه في سلك التعليم الابتدائي والثانوي في سوريا والعراق ولبنان حتى عام 1940، وقد ترك التعليم ودخل سلك القضاء، فأمضى فيه خمسة وعشرين عامًا.
أشهر مؤلفاته: “أعلام التاريخ”، و”حكايات من التاريخ”، و”ذكريات علي الطنطاوي”، و”فتاوى علي الطنطاوي”، و”قصص من الحياة”، و”من حديث النفس”، و”من نفحات الحرم”، والعديد من المؤلفات الأخرى.