غثاثة الرخص
غثاثة الرخص
يذكر الكاتب قول أحدهم بأسلوب السخرية “كم هو مضحك أن يكون تتبُّع الرخص زندقة؛ مع أن الله يحب أن تؤتى رخصه؟!”، ويوضح أن هذه المقولة تكشف الجهل الحاصل في ذكر الرخص بهذا المقام، وهو أنه لم يُفرق بين “رخص الله” و”رخص المجتهدين”، ويبين الكاتب الفرق بينهما من خلال توضيح مفهومي “العمل العلمي” و”العمل التلفيقي” فيقول: “فالعمل العلمي في “رخص الله” يعني أن نجتهد في تحقيق دلالات نصوص الوحي لنصل إلى ما يغلب على الظن أنه رخصة من الله فنعمل به، أما “العمل التلفيقي” في “رخص المجتهدين” فيعني القيام بعملية انتقائية غير منهجية يتم فيها تتبُّع فقه كل إمام من أئمة المسلمين والأخذ بما رأى أنه رخصة.. فأصبح معيار الرخصة “وجود الفتوى” وليس “وجود الدليل”.
وتتبع الرخص بهذا الشكل يُناقض غاية الوحي، فغاية الوحي هي الاستسلام لله عز وجل، لكن تتبع الرخص باختيار الأهون على النفس، وليس على الدليل يجعل من الشريعة شيئًا سائلًا لا أصل له.
وبجانب الرخصة يتتبع الكثير منهم زلات العلماء، أو شذوذات المسائل، وهذا هو عين ما يهدم الإسلام كما أخبر عُمر بن الخطاب (رضي الله عنه) زيد بن حدير فقال: “هل تعرف ما يهدم الإسلام؟ يهدمه زلة العالم، وجدال المنافق بالكتاب، وحكم الأئمة المضلين”، وقد ورد في الحديث قوله (صلى الله عليه وسلم): “إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، والْحَرَامَ بَيِّنٌ، وبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وعِرْضِهِ، ومَنْ وقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، أَلَا وإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ”، فهذا الحديث يدل بشكل واضح على بطلان تتبع الرخص والتأويلات الخاطئة.
لذا فـ”رخص الله” عز وجل مثل رخصة القصر في الصلاة، أو فطر المسافر، وغيرها رخص متفق عليها، لا خلاف في الأخذ بها، أما “الرخص الخلافية” فيجب ترجيح الأصح وفقًا للدليل وليس الهوى.
الفكرة من كتاب سلطة الثقافة الغالبة
الكثير منَّا يعلم مقولة ابن خلدون في مقدمته: “إن المغلوب مولع أبدًا بالاقتداء بالغالب؛ في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده. والسبب في ذلك: أن النفس أبدًا تعتقد الكمال في من غلبها وانقادت إليه”، وقبل ابن خلدون تأمَّل الشيخ أبو إسماعيل الهروي كيف انبهر بعض المنتسبين للعلم الشرعي بالفلسفة اليونانية، ثم أتى أبو حامد الغزالي، ثم ابن تيمية، فلاحظا الملاحظة ذاتها، حتى عصرنا الحديث الذي اندهش فيه الكثير من فارق الإمكانيات بين أوروبا والمجتمعات المسلمة، فظهرت حركات التجديد والنهضة، والتي تعد إحدى ظواهر الهزيمة النفسية لثقافة الغرب الغالب.
وفي هذا الكتاب يُقدِّم الكاتب الأفكار المُختلفة التي يتضِّح من خلالها الدوافع الخفية في رغبة أصحابها بعدم المصادمة مع الثقافة الغربية، من خلال عدة طُرق متوهمة تُظهر أصحابها بصورة المُتعالم الجاهل.
مؤلف كتاب سلطة الثقافة الغالبة
إبراهيم عمر السكران: باحث ومُفكِّر إسلامي سعودي الجنسية، درس في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن سنة واحدة، ثم تركها واتجه إلى كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حصل على درجة الماجستير في السياسة الشرعية من المعهد العالي للقضاء، ثم حصل على درجة الماجستير في القانون التجاري الدولي في جامعة إسكس ببريطانيا.
من أبرز مؤلفاته:
الماجريات.
مسلكيات.
الطريق إلى القرآن.
مآلات الخطاب المدني.