وأصحابي أمنة لأمتي
وأصحابي أمنة لأمتي
يقول الله تعالى: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِّيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾، والكذب على الله تعالى يكون على مرتبتين: كذب على الله في الألفاظ، وكذب على الله في المعاني، وتأكيد الكذب على الله في المعاني يظهر في قوله تعالى: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ﴾، ويوضح الكاتب أن هذا النوع من الكذب يظهر جليًّا في العصر الذي نعيشه، عصر الانهزام أمام القيم الغربية، ويتضح بين النخب المثقفة الواقعة تحت سلطة الثقافة الغالبة، فيتجرأون على نصوص الوحي بالتفسير دون استيعاب لباقي النصوص الأخرى، أو دون النظر في تفسير السلف، أو دون فهم مواطن الإجماع، فتسمع الآراء العجيبة، والتفسيرات الغريبة التي قد تصل إلى الضد تمامًا من المراد الإلهي.
فالكثير من هؤلاء يسعى إلى تجريد الإسلام، أي جعل النص مُجرد فكرة غير مرتبط لأي تجربة بشرية، فلا يؤخذ بقول الصحابة ولا بفهمهم، وقد قال فيهم رسول الله (صلى الله عليه وسلَّم): “وأصحابي أمنَةٌ لأمَّتِي، فإذا ذهبَتْ أصحابي أتى أمتي ما يوعدونَ”، والأصل في مثل هذه الادعاءات كما وصف الكاتب “ضعف تعظيم السلف في عُمق علمهم وكمال ديانتهم”، ويقول: “فصار مؤدى كلامهم أن هؤلاء الذين درسوا اللسانيات والهرمنيوطيقا وفلسفة اللغة والنقد الأدبي -وهي أصول علوم الدلالة في الفكر الغربي- أفقه في معنى القرآن والحديث من أبي بكر وعمر وابن عباس وابن مسعود!”.
إن الصحابة (رضوان الله عليهم) هم من عايشوا الوحي وقد نزل بينهم، فهم الأقرب لفهمه وفقًا لمُراد الله عز وجل، ولا سبيل لنا في فهم الوحي إلا من خلال فهمهم، يقول (صلى الله عليه وسلَّم): “عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي”.
الفكرة من كتاب سلطة الثقافة الغالبة
الكثير منَّا يعلم مقولة ابن خلدون في مقدمته: “إن المغلوب مولع أبدًا بالاقتداء بالغالب؛ في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده. والسبب في ذلك: أن النفس أبدًا تعتقد الكمال في من غلبها وانقادت إليه”، وقبل ابن خلدون تأمَّل الشيخ أبو إسماعيل الهروي كيف انبهر بعض المنتسبين للعلم الشرعي بالفلسفة اليونانية، ثم أتى أبو حامد الغزالي، ثم ابن تيمية، فلاحظا الملاحظة ذاتها، حتى عصرنا الحديث الذي اندهش فيه الكثير من فارق الإمكانيات بين أوروبا والمجتمعات المسلمة، فظهرت حركات التجديد والنهضة، والتي تعد إحدى ظواهر الهزيمة النفسية لثقافة الغرب الغالب.
وفي هذا الكتاب يُقدِّم الكاتب الأفكار المُختلفة التي يتضِّح من خلالها الدوافع الخفية في رغبة أصحابها بعدم المصادمة مع الثقافة الغربية، من خلال عدة طُرق متوهمة تُظهر أصحابها بصورة المُتعالم الجاهل.
مؤلف كتاب سلطة الثقافة الغالبة
إبراهيم عمر السكران: باحث ومُفكِّر إسلامي سعودي الجنسية، درس في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن سنة واحدة، ثم تركها واتجه إلى كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حصل على درجة الماجستير في السياسة الشرعية من المعهد العالي للقضاء، ثم حصل على درجة الماجستير في القانون التجاري الدولي في جامعة إسكس ببريطانيا.
من أبرز مؤلفاته:
الماجريات.
مسلكيات.
الطريق إلى القرآن.
مآلات الخطاب المدني.