“السيداو” وعبودية الأهواء
“السيداو” وعبودية الأهواء
تعدُّ اتفاقية سيداو الدستور النسوي العالمي، وإن كان في ظاهر الاتفاقية التركيز على حقوق الإنسان، ولكن مضامينها وفلسفتها وما تؤول إليه يُخالف الفطرة، فينتقل التشريع من حُكم الله ليكون حكم الطاغوت، فتصبح القوانين الغربية الوضعية هي ما يؤسِّس الناس عليهم حياتهم، وهذه الوثيقة في حقيقتها ثورة جندرية/نوعية، تُغيِّر ثقافة المجتمع بلا مراعاة لدين أو عُرف، فهي تقوم بشكل أساسي على المساواة التامَّة بين الجنسين، ولا تعتبر أن العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة تكاملية بحيث يتمتَّع كل جنس منهما بسمات تُكمل الآخر.
فالكثير من النسويات يتهمن من يرفض الاتفاقية بالانغلاق ضد عالمية الحقوق، والحقيقة أن المُدَّعي لتلك الدعوى، وهذا الاتهام لا يفهم حقيقة السيداو ولا يفهم الدين الإسلامي، فكلاهما لا يمكن الجمع بينهما، وذلك لأن اتفاقية السيداو بها تعديات على الثقافة والدين والعقائد والفطرة وطبيعة العلاقات الإنسانية بين الجنسين.
وبهذا يذكر الكاتب المأزق الذي تقع فيه النِّسوية العربية، وهو معارضتها لأحكام الشريعة الإسلامية الصريحة بحجة الحقوق النِّسوية والاتفاقيات الدولية، فكم من حق مُعلن يبدو في ظاهره مصلحة عامة لكن هو “دس السُّم بالعسل”، ويصف ابن تيمية (رحمه الله) هذه الحالة في مقولته: “لا يُنفق الباطل في الوجود إلا بشوب من الحق”.
فالحق المُناسب للفطرة الإنسانية هو شرع الله (عز وجل)، فالشريعة لا تُنكِر طبيعة الأنثى، وكما أن للمرأة واجبات فلها حقوق، والمقام الأول الذي تعتمد عليه الواجبات والحقوق الشرعية هو “العبودية لله (عز وجل)، وهذا المعنى يوضِّحه قول الشاطبي (رحمه الله): “كل حكم شرعي ليس بخالٍ عن حق الله تعالى، وهو جهة التعبُّد”، على عكس النظريات الوضعية التي يكون فيها المعيار الأول هو: الأهواء!
الفكرة من كتاب النِّسوية وصناعة الدهشة.. حقائق وعوائق
في العصر الحالي صار الغزو الفكري مُقدَّمًا على كل غزوٍ آخر، فهو الأوفر من ناحية الخسارة والأضمن في تغيير المُستهدف، فيبدأ المُستهدف بالانسياق تجاه العدو بشكلٍ لا واعٍ، وبالتالي يكون عونًا للمُستعمر بعد أن كان هدفًا له، هكذا هي حرب عالم الأفكار!
ومن تلك الأفكار أو الاتجاهات: النِّسوية، والتي ظهرت أمام الوطن العربي تحت مظلة “حقوق المرأة”، وقد صنعت الدهشة الساحرة للكثيرين، حتى صاروا أتباعًا لها دون التمييز بين الحق والباطل.
خلال هذا الكتاب يُبيِّن لنا مؤلفه العوائق الفكرية والمغالطات المنطقية التي وقعت فيها النسويات العربية، وخصوصًا النسويات في المملكة العربية السعودية.
مؤلف كتاب النِّسوية وصناعة الدهشة.. حقائق وعوائق
فهد مُحمد الغفيلي: مُفكِّر وباحث سعودي، مُهتم بالقضايا الفكرية المُعاصرة، وتأثيرها في المُجتمع السعودي، وأهم تلك الأفكار تأثير الحركة النِّسوية.
من مؤلفاته: “الفلسفة السيداوية والنِّسوية السعودية”، و”الزواج المُبكِّر وتحديد سن الزواج”، و”نظرات في المواساة بين الجنسين”.