المغلوب مولع أبدًا بالاقتداء بالغالب
المغلوب مولع أبدًا بالاقتداء بالغالب
إن الكثيرين ممن أقاموا في بلاد الكفر تأثَّرت مبادئهم ومعاييرهم التي يقيسون عليها الأمور، فالانبهار المُطلق دون استحضار المرجعيات والمعايير التي بُنيت عليها تلك الثقافات يفقد من خلالها الإنسان معاييره ومبادئه، وبالتالي حين يحاكم الإنسان المُجتمع المُسلم من خلال مرجعية تغريبية، فرؤيته ستكون مبنية على أساسيات فاسدة، وبالتالي تكون أحكامه جائرة، وقد يؤدي الانبهار المعنوي بالثقافات الأخرى إلى حالة من العمى والصمم عن الحقائق الكُبرى الصادمة حول تلك الثقافات.
فالنِّسوية الغربية تنظر إلى المرأة المُسلمة فقط من خلال الأمور الظاهرة مثل الحجاب، والادِّعاء المُتكرِّر بأن هذا حِجر عليها وأنه يُقيِّد من نشاطها، ومن جهة أخرى تكون النسوبة مُغيَّبة عن قضايا النساء الحقيقية، مثل قضايا الفقر الذي تتعرَّض له النساء في بعض البلدان، أو الإهانة والضرب، أو الاغتصاب والتحرُّش، وكأن الأولوية عند النسويات فيما يُسكِّن مشاعرهن لتحقيق الرضا عن الذات والنشوة بالاستقلالية المتوهَّمة.
وبالمقارنة السريعة بين المرأة الغربية والمرأة السعودية، وفقًا للإحصائيات، فإنها تُشير إلى أن المجتمع الأمريكي غارق في النشاط الجنسي المُيسَّر في سنوات المراهقة، وتفشِّي ظاهرة حمل المراهقات، وقد وجد التقرير أن 44% من الإناث و47% من الذكور بالفئة العمرية بين 15 و19 سنة مارسوا الجنس بين العامين 2011 و2013، مقابل هذا نجد أن دعوى “زواج القاصرات” ليس بالظاهرة المنتشرة في السعودية، إذ تشير الأبحاث أنه في عام 2007 كانت نسبة السعوديات اللاتي لم يسبق لهن الزواج في فئة
(15-19) سنة 96%.
الدهشة أنه في الوقت الذي يرى فيه المجتمع الغربي أن الزنا بين المراهقات مع الخليل أو الزميل عُرفًا أو قيمة، يرى أن الزواج في المجتمعات الشرقية ينطوي على العنف والجريمة!
الفكرة من كتاب النِّسوية وصناعة الدهشة.. حقائق وعوائق
في العصر الحالي صار الغزو الفكري مُقدَّمًا على كل غزوٍ آخر، فهو الأوفر من ناحية الخسارة والأضمن في تغيير المُستهدف، فيبدأ المُستهدف بالانسياق تجاه العدو بشكلٍ لا واعٍ، وبالتالي يكون عونًا للمُستعمر بعد أن كان هدفًا له، هكذا هي حرب عالم الأفكار!
ومن تلك الأفكار أو الاتجاهات: النِّسوية، والتي ظهرت أمام الوطن العربي تحت مظلة “حقوق المرأة”، وقد صنعت الدهشة الساحرة للكثيرين، حتى صاروا أتباعًا لها دون التمييز بين الحق والباطل.
خلال هذا الكتاب يُبيِّن لنا مؤلفه العوائق الفكرية والمغالطات المنطقية التي وقعت فيها النسويات العربية، وخصوصًا النسويات في المملكة العربية السعودية.
مؤلف كتاب النِّسوية وصناعة الدهشة.. حقائق وعوائق
فهد مُحمد الغفيلي: مُفكِّر وباحث سعودي، مُهتم بالقضايا الفكرية المُعاصرة، وتأثيرها في المُجتمع السعودي، وأهم تلك الأفكار تأثير الحركة النِّسوية.
من مؤلفاته: “الفلسفة السيداوية والنِّسوية السعودية”، و”الزواج المُبكِّر وتحديد سن الزواج”، و”نظرات في المواساة بين الجنسين”.