ما لن تراه زرقاء اليمامة
ما لن تراه زرقاء اليمامة
النية ركن من أركان الصلاة، وهي وإن كانت لا تُرَى بالعين وعلى خلاف في التلفُّظ بها فغيابها أو انحرافها عن الإخلاص سيهدم الصلاة من أساسها، ولكن يتبادر السؤال عن جدوى النية للصلاة بعد أن يغتسل الفرد ويستقبل القبلة، يجيب الكاتب بأمرين: الأمر الأول أن تكرار الصلاة خمس مرات يُخشَى أن يتحول إلى عادة رتيبة بلا إحساس، فيأتي تجديد النية ليدفع الصلاة من ركن العادة إلى ركن العبادة، والأمر الثاني وهو الإخلاص؛ ولفهم ذلك أكثر يعود بنا الكاتب إلى الجذر اللغوي لكلمة النية، فهي تعني قصد السفر والبعد إلا أن مجيئها في حديث النية الشهير الذي رواه عمر بن الخطاب وارتباطها بمثال الهجرة يعطي معنًى أبعد من مجرد الانتقال من مكان إلى مكان لأن الهجرة تعني السفر بلا عودة وبتَّ أواصر كل ما يرتبط بالمكان المهاجر منه، فيكون بهذا المعنى تجديد النية للصلاة بمثابة رحيل مستمر نحو هدف أبعد.
يلحظ الكاتب ارتباطًا في القرآن بين ثلاثية (العبادة – الإخلاص – الدين) وبين الصلاة؛ العبادة بمعناها الشامل لكل ما يحبه الله ويرضاه وبجذرها اللغوي الذي يعني التسهيل والخضوع والتذليل، خضوع الإنسان لخالقه ليس فقط أثناء صلاته، بل في عمره كله لما خلقه الله من أجله والذي لم يخلقه إلا من أجله، والصلاة بمثابة دورة تدريبية على هذا الدور، والإخلاص، أي النجاة، عند ارتباطه بالصلاة يعطي معنى النجاة المستمرة بالصلاة من كل ما يعطِّل الإنسان عن أداء دوره، وأن يكون مخلصًا للدين الذي يتبعه ويصلي صلاته خمس مرات يوميًّا، ثم المفردة الأخيرة: الدين المتمثل في الإسلام الشعيرة الخاتمة التي تضم رؤية شاملة للحياة والكون، وإذا أُلحِقَت بها مفردة الإخلاص (الدين الخالص) فهذ يعني أن الدين هو “العدسة” التي ننظر بها إلى الأمور دون أي تأثير بشائبة خارجية تشوِّش الرؤية، لا لأنها كليلة النظر، بل لأن دورها هو تنقية الرؤية عبر الدفع المستمر لهذه الشوائب.
الفكرة من كتاب ملكوت الواقع.. ممهدات وحوافز قبل الانطلاق
يهدف الكاتب إلى تناول المعاني الكامنة في الأذان، وتوقيتات الصلاة والوضوء والنية والتكبير ثم دعاء الاستفتاح، وعلاقة بعض أركان الصلاة بالتجربة الإبراهيمية الخالدة.
مؤلف كتاب ملكوت الواقع.. ممهدات وحوافز قبل الانطلاق
وُلِدَ أحمد خيري العمري في العراق عام 1970، وتخرج طبيبًا للأسنان، صدر له لأول مرة كتاب “البوصلة القرآنية” في العام 2003، ثم أتبعه بمؤلفات مهمة مثل “سيرة خليفة قادم”، و”استرداد عمر من السيرة إلى المسيرة” وغيرها، يحاول تقديم منهج منضبط يتجاوز الجمود الحادث وتفلُّت الموجات التجديدية.