الكتاب الموقوت
الكتاب الموقوت
وصف الله تعالى فرض الصلاة على المؤمنين بصفتين، الأولى أنها كتابٌ؛ وقد تم استعمال الكتاب لوصف أكثر ما يهم المؤمن: أعماله يوم القيامة سوف تُنشَرُ في كتاب وموته الحتمي كتاب مُؤَجَّلٌ، فلا غرابة أن يكون أهم ما في دنياه كتابٌ وسوف يكون وسيلته لقراءة العالم، والثانية أنه موقوت؛ أي أن الصلاة مرتبطة بمواعيد محددة، كما أن الكون كله يسير وفقًا لعامل الوقت الذي لا يتأخَّر ثانيةً ولا يتقدَّّم أخرى، والتزام المؤمن بالصلاة يجعله جزءًا من هذا العالم الدقيق، من أكبر جرم سماوي في مجاهل الفضاء إلى أصغر كائن دقيق في جوف الأرض، وبينهما الإنسان الذي يسير وفقًا لساعة بيولوجية تنظِّم كل وظائفه الحيوية، في تناغم كوني يدلُّ على وحدة الخليقة الدالة على وحدة الخالق (عز وجل).
إن ارتباط وتوزيع الصلاة على طول اليوم والليلة له فلسفة عميقة تظهر للمتأمل، فمن يصلي الفجر في الوقت بين الظلمة والظل، وقت انسلاخ النهار من الليل، عليه أن يدرك أن الضوء قادم لا محالة مهما طال الليل وزادت حلكته، وصلاة الظهر وَقتَ تعامد الشمس في كبد السماء لتنشر الضوء الكامل تذكِّرك بهدفك في الحياة الذي لا بد أن يكون واضحًا وضوح الشمس، والعصر في وقت الانتقال من الضوء الكامل إلى بداية انحسار الضوء يذكر المؤمن أن لا بد من الهبوط عن الذروة في وقت ما، وأن لا بأس في ذلك، وقد تمثِّل مرحلة انتقال إلى منطقة ضوء جديدة، ثم يأتي المغرب الذي هو أشبه بالظل منه بالضوء، فكل شيء يأفل وكل شيء ينتهي، إلا فاطر الضوء والظلمة كما أدرك من قبل إبراهيم (عليه السلام)، وأخيرًا العشاء في الظلام الكامل الذي يمثِّل مرحلة الانسحاب للظل والتقويم، تمهيدًا لفجر آخر سوف ينبعث حتمًا.
هذا الانتقال بين الظلمة والنور يمثِّل انتقالات الإنسان في أطوار حياته المختلفة صعودًا وهبوطًا، والصلاة على وقتها تذكرك دائمًا -إذا تأمَّلت- بتلك المعاني، وسوف يترسَّخ هذا الفهم في أعماقك إذا كان لك عمل حقيقي تؤديه خارج أوقات الصلاة.
الفكرة من كتاب ملكوت الواقع.. ممهدات وحوافز قبل الانطلاق
يهدف الكاتب إلى تناول المعاني الكامنة في الأذان، وتوقيتات الصلاة والوضوء والنية والتكبير ثم دعاء الاستفتاح، وعلاقة بعض أركان الصلاة بالتجربة الإبراهيمية الخالدة.
مؤلف كتاب ملكوت الواقع.. ممهدات وحوافز قبل الانطلاق
وُلِدَ أحمد خيري العمري في العراق عام 1970، وتخرج طبيبًا للأسنان، صدر له لأول مرة كتاب “البوصلة القرآنية” في العام 2003، ثم أتبعه بمؤلفات مهمة مثل “سيرة خليفة قادم”، و”استرداد عمر من السيرة إلى المسيرة” وغيرها، يحاول تقديم منهج منضبط يتجاوز الجمود الحادث وتفلُّت الموجات التجديدية.