لماذا يشن بدر شاكر السياب حربًا على الشيوعية؟
لماذا يشن بدر شاكر السياب حربًا على الشيوعية؟
يتعجب المؤلف من عملية حيونة الإنسان في الشيوعية، فكل ما يشغلهم ملذات حسية: الطعام واللباس والسكن والجنس! حتى تلك الفنون التي يزعمون أنها تشعر الإنسان بإنسانيته لا تخرج موضوعاتها عن النمط المادي: شعر عن الخبز والكساء، وموسيقى عن إضراب العمال في معمل فورد للسيارات مطالبين بزيادة أجورهم، وغناء عن مجزرة كركوك وغير ذلك، أي فرق بين البابليين القدماء الذين عبدوا آلهتهم في سبيل المطالب المادية للحياة اليومية والشيوعية المادية التي دان بها ربع سكان العالم!
ويجيب السياب بوضوح عن تساؤل الغاية من كتاباته عن الشيوعية: “إننا في حرب عقائدية مع الشيوعيين، إن الخطر الشيوعي لا يقل عن خطر الاستعمار القذر، وقد كان في وسعنا أن نتخلص من الاستعمار وجواسيسه، لكننا لا نستطيع الخلاص من الكابوس الشيوعي والسيطرة الشيوعية إذا ابتلينا بها، فإننا في جهاد ندافع فيه عن قوميتنا، وديننا وتقاليدنا وتراثنا، ندافع فيه عن استقلالنا وكياننا”.
ومن الفواجع التي ألمَّت بالسياب وأرقته لليالي يعض أنامله أسفًا على ضياع قطعة من الأرض المقدسة: مساندة الاتحاد السوفييتي للصهيونية، فلا يخفى على أحد تسرب العنصر اليهودي إلى التيار الشيوعي في العالم كله، بل وتوليهم مناصب قيادية عليا في الأحزاب الشيوعية، وكان أكثر ما يطمحون إليه أن تؤلِّف حكومة ديمقراطية لفلسطين يشترك فيها العرب واليهود، وهو ما تبنَّته الشيوعية أول الأمر؛ إذ كان موقف الشيوعية موقفًا وسطًا قبل أن يتبيَّن لهم المصالح والأهداف القومية.
لقد كشفت الأحزاب الشيوعية في العالم كله عن تبعيتها لكعبتهم المقدسة: الكرملين- بموسكو- لا لشعوبهم وقضايا أممهم، فما لبث الاتحاد السوفييتي أن صوَّت لصالح موقف الصهاينة في الأمم المتحدة بشأن قرار تقسيم فلسطين، إلا وغيرت الأحزاب الشيوعية -في يوم وليلة- شعاراتها من المناداة بدولة موحَّدة للعرب واليهود إلى دعم تقسيم فلسطين وتعنيف المقاومة العربية للاحتلال!
الفكرة من كتاب كنت شيوعيًّا
“ليست كتابات الرفيق رائد التي فضح فيها الشيوعية والشيوعيين هي التي حفزتني على الكتابة، إنها فكرة ظلت تراودني منذ أمد بعيد، أن أكتب تجربتي مع الشيوعيين، كيف اعتنقت الشيوعية، وماذا رأيت فيها ومنها، وما الذي جعلني أصبح عدوًّا لدودًا لها.. وها أنذا أحقق حلمي اليوم!”.
بعد أكثر من أربعة عقود على وفاة الشاعر والكاتب بدر شاكر السياب، جُمعت اعترافاته التي نشرها عام 1959 في جريدة “الحرية” البغدادية في كتاب واحد، تلك الاعترافات التي ضمَّنتها شهادته على الحزب الشيوعي عندما كان بين صفوف الشيوعية لتبقى شاهدةً على التاريخ.
مؤلف كتاب كنت شيوعيًّا
بدر شاكر السياب: شاعر عراقي، ولد في الـ 25 من ديسمبر عام 1926 بالبصرة، يُعد واحدًا من أشهر شعراء العرب في العصر الحديث، أسهم في تأسيس مدرسة (الشعر الحر) برفقة مجموعة من كبار الشعراء، كما عمل مدرسًا للإنجليزية، ثم فُصل من وظيفته لميوله السياسية وأودع السجن، وفي سنة 1952 اضطُر إلى مغادرة بلاده والتوجُّه إلى إيران ثم الكويت، وقد فارق الحياة في الـ 24 من ديسمبر عام 1964 بالكويت بعد صراع مع المرض.
ومن أعماله الشعرية: “أساطير”، و”قيثارة الريح”، و”أزهار ذابلة”، ومن أعماله النثرية: “الالتزام واللا التزام في الأدب العربي الحديث”، ومن ترجماته: “ثلاثة قرون من الأدب”، و”قصائد مختارة من الشعر العالمي الحديث”.