صورة خارجية وصوت داخلي
صورة خارجية وصوت داخلي
هيئة غاندي من الخارج توحي بالسمت المتواضع والبساطة الشديدة، لكنه كان يظن في نفسه مصلحًا حركيًّا يهتم بالإنجاز أكثر مما يعتني بالتنظير ويرى أن الواجب عليه إحياء الفكرة وممارستها لا الكتابة عنها، وكان كثيرًا ما يصدر أحكامًا متسرِّعة على قضايا لا يعرف عنها إلا القليل مثل رأيه عن الاشتراكية. يوجِّه خطابه أمام جماهير مختلفة نوعيًّا، فمنهم الظالم المسيء ومنهم المظلوم السلبي، فيستعمل الإقناع الأخلاقي حينًا، وقوة الإكراه حينًا آخر، ونفوذه الروحي حينًا ثالثًا، ويعتمد على الأساليب العاطفية أكثر من التبريرات المنطقية العقلانية.
لغاندي فلسفة غريبة حيث يرى أنه لا ينبغي للمرء أن يكترث بالحياة ولا ينبغي كذلك أن يحزن على موت أحدهم لأن الموت كالولادة، كلتاهما مرحلة في دورة الطبيعة، يموت ناس ويولد آخرون، فلماذا إذن نحصي من يُولد ومن يموت؟! وإذا علمنا أن الجسد هو من يفنى وتبقى الروح؛ فإن الحزن على الموت أو الفرح بالولادة يكشف عن جهلنا!
عندئذٍ يحق لنا أن نتساءل: لمَ كل هذا التقديس للاعنف إذا كان قتل أحدهم وبقاؤه متساويين في النهاية؟! ولماذا يضحي الإنسان بحياته من أجل الآخرين إذا كان ينبغي ألا يبالي أحد بموته؟! ربما تعود قلة التفسيرات العقلانية في خطاب غاندي إلى تشرُّبه عقيدة دينية غير مبرهنة عقليًّا، وقد كان الإيمان في حياته بالغ الآثر والمحرِّك الأول لجهاده، وما يدفعه إلى الدخول في عصيان مدني أو إضراب عن الطعام ليس العقل ولكنه يتبع صوته الداخلي، ومن ثم لا يسمح لأحد من أتباعه أن يعترض على ما يفعل، بل ليس لأحد أن يشك في صوابيته، وأي معرفة تضاد هذا الصوت إنما هي معرفة سطحية!
الفكرة من كتاب ماذا يقول غاندي؟ عن اللاعنف والمقاومة والشجاعة
يتناول هذا الكتاب الموجز مذهب المناضل الهندي المهاتما غاندي في المقاومة اللاعنفية بجانب نظرته إلى الحياة السياسية والاجتماعية التي ينبغي أن تكون عليها الهند، ويسلِّط الضوء على مدى جدوى هذا النوع من المقاومة سواء في ذاتها أم في سياقها التاريخي بتحليل دقيق وعين خبيرة.
مؤلف كتاب ماذا يقول غاندي؟ عن اللاعنف والمقاومة والشجاعة
نورمان جاري فينكلستاين: كاتب وناشط سياسي يهودي أمريكي، وأكاديمي متخصِّص في العلوم السياسية، واشتهر بمساندة القضية الفلسطينية ورفض استغلال الصهاينة للمحرقة النازية لجذب التعاطف العالمي والتغطية على جرائم الإبادة الإنسانية ضد الفلسطينيين، وقد تسبَّب ذلك في رفض طلبه للتثبيت الأكاديمي في جامعة دي بول ووضعه في إجازة إدارية عام 2007، مما دفع نورمان إلى تقديم استقالته.
من أهم مؤلفاته: “صناعة الهولوكوست: تأمُّلات في استغلال المعاناة اليهودية”، و”إسرائيل، فلسطين، لبنان: رحلة أمريكي يهودي بحثًا عن الحقيقة والعدالة”، و”ما يفوق الوقاحة: إساءة استخدام اللاسامية وتشويه التاريخ”.