قضية الأمن الغذائي
قضية الأمن الغذائي
مما لا شك فيه أن العالم اليوم يتلقَّفه العديد من المشكلات والتحديات التي تتفاضل فيما بينها في درجة الخطورة ومدى تأثيرها في مستقبل الجنس البشري، وتبعًا لهذا المعيار تعدُّ قضية الغذاء من أولى القضايا التي تحدِّد إلى حدٍّ بعيد مصير الجنس البشري بأكمله، لذلك لم تكن تلك المشكلة بمعزل عن نظر العلماء ومدار بحثهم، فنظرًا إلى خطورتها تعدَّدت مجالات البحث المرتبطة بها وارتبطت إلى حد كبير بالظروف الاجتماعية التي كانت سائدة، ولذلك اختلفت كلمة العلماء، فمن متشائم يرى أن العالم يسير نحو الكارثة بخطى متسارعة كنتيجة لاختلال التوازن بين الموارد الطبيعية من ناحية، وبين السكان من ناحية أخرى، ومنهم من كان متفائلًا بقدرة الإنسان على إيجاد الحلول دائمًا لما يقابله من مشكلات تتعلق بندرة الموارد.
وترتبط قضية الغذاء بصورة مباشرة اقتصاديًّا بالقطاع الزراعي، فهي تتأثر كثيرًا بقضايا نزيف الهجرة من الريف إلى المدن وتحول العمالة من الزراعة إلى غيرها من القطاعات كذلك تتأثر بالمستوى التكنولوجي السائد في العمليات الزراعية، وكانت الدول الصناعية الكبرى في أوروبا هي أول من لمست تلك المشكلة ونتيجة التغيرات الديموغرافية التي طالتها ولَّت وجهها شطر قارتي آسيا وأفريقيا لتأمين احتياجاتها الغذائية، وهذا يفسر تلك الموجة الاستعمارية للإمبريالية الغربية، والتي شملت أجزاء كبيرة من آسيا وأفريقيا.
وفي عالمنا العربي الموبوء بالقلاقل السياسية والاقتصادية والأمنية تظل قضية إنتاج الغذاء كابوسًا يقضَّ مضجعه، إذ أفاق الوطن العربي من سباته العميق جراء إشعال جرس الإنذار من قِبل الاهتمامات العالمية بقضية الأمن الغذائي، فرغم الموارد الوفيرة لا ينتج الوطن العربي ما يكفي سكانه من الغذاء، مما يخلق فجوة غذائية تتزايد باستمرار مع زيادة معدلات الزيادة السكانية، فتلجأ بذلك إلى الاستيراد من الخارج فيصيب موازين مدفوعاتها العجز وتُستنزف احتياطاتها من العملات الصعبة التي ربما كانت اتجهت إلى متطلبات التنمية الاقتصادية، فضلًا عن أن الاعتماد على الواردات الغذائية يشكل تهديدًا للأمن القومي العربي إذ يجعلها تحت رحمة الدول المصدِّرة للغذاء.
الفكرة من كتاب مشكلة إنتاج الغذاء في الوطن العربي
“من لا يملك قوته لا يملك قراره”، ومن هنا تتجلى أهمية هذا الكتاب، فهو يعالج قضية الأمن الغذائي العربي مستعرضًا أسباب المشكلة على نحو عام، ثم يدلف إلى جغرافيا الوطن العربي مظهرًا الواقع والفرص المتاحة والتحديات للنهوض بالاقتصاد الغذائي، وأخيرًا يتعرض لمحاولات استغلال قضية الغذاء كسلاح من قِبل الدول العظمي لابتزاز غيرها من الدول الأخرى.
مؤلف كتاب مشكلة إنتاج الغذاء في الوطن العربي
حمد علي الفرا: كاتب وعالم اقتصاد، ولد بمدينة خان يونس بفلسطين عام 1932، حصل على ليسانس الآداب في الجغرافيا من جامعة القاهرة عام 1954، حصل على الماجستير من جامعة نيوكاسل بإنجلترا في عام 1967، ونال عام 1970 درجة الدكتوراه في الجغرافيا الاقتصادية من الجامعة نفسها، وتقلد الكثير من المناصب الأكاديمية في الأردن وفي الخارج، كما كان أستاذًا زائرًا في عدة جامعات منها أكسفورد في بريطانيا عام 1977، وجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس عام 1984.
أصدر العديد من الأبحاث والمقالات العلمية في مختلف المجالات والدوريات العلمية، وله كتب منشورة أهمها: “التنمية الاقتصادية في دولة الكويت”، و”مناهج البحث في الجغرافيا بالوسائل الكمية” و”الطاقة: مصادرها العالمية ومكانة النفط العربي بينها”.