ظهور عبد الرحمن الغافقي
ظهور عبد الرحمن الغافقي
تولى عبد الرحمن الغافقي ولاية الأندلس للمرة الثانية بأمر من الخليفة هشام بن عبد الملك سنة 112هـ، وقد عُرف عنه الشجاعة والعدل والسهر على مصالح العباد والذكاء السياسي، والحقيقة أن المصادر عنه قليلة جدًّا وربما يعود السبب إلى كارثة بلاط الشهداء التي كان وقوعها في هذه الفترة صدمة كبيرة للمؤرخين جعلتهم لا يتطرَّقون إليها كثيرًا لهول ما حدث، وعلى أي حال فقد ظهرت براعة عبد الرحمن الغافقي لأول مرة عندما أنقذ الجيش الإسلامي بعدما استُشهد السمح بن مالك الخولاني في طولوشة، وبعدما استقرَّت الأمور في الداخل بدأ في النظر إلى هدفه الأكبر وهو فتح بلاد الغال أو كما تُعرف عند المسلمين “الأرض الكبيرة”، وهي فرنسا.
أعاد عبد الرحمن الآمال والحماس إلى الجيش الإسلامي، ولما استقرت الأمور بالداخل وأظهر العدل، فإذا به يعلن الدعوة إلى الجهاد في سبيل الله في كل من إفريقية والأندلس واليمن والشام ومصر، فأقبل ما بين سبعين إلى مائة ألف من المجاهدين وانضموا إلى جيش المسلمين في قرطبة عاصمة الأندلس آنذاك، وقد كان عبد الرحمن محبوبًا من قبل أهل الأندلس وجيشه لما اكتسبه من صفات العدل والرحمة وعدم التمييز بين المسلمين والنصارى.
بدأ الجيش الإسلامي الضخم بالتحرك سنة 114هـ، وقد علم دوق أكويتانيا الفرنسية بقدوم عبد الرحمن فاستعد للقائه، وفي طريقه أخضع عبد الرحمن مدينة أرل، ثم أقطانيا، ثم بردال، ليندفع جنوبًا ويصل إلى مدينة بواتييه، وقد استنجد دوق أقطانيا الذي تقهقر بجيشه أمام جيوش المسلمين بشارل مارتل الذي كان يعد آنذاك صاحب الكلمة العليا في فرنسا، وقد لبَّى شارل مارتل النداء.
الفكرة من كتاب بلاط الشُّهداء
“لو انتصر العرب في تور-بواتييه لتُلِيَ القرآن وفُسِّر في أكسفورد وكامبردج!” هكذا قال المؤرخ الأوروبي “جيبون” عن المعركة التي أجمع المؤرخون أنها من أكبر المعارك الفاصلة في تاريخ البشرية جمعاء، كيف لا ولو كان مُقدرًا للمسلمين النصر فيها لكانت فرنسا مُسلمةً ولما سقطت الأندلُس، ولضمَّت الحضارة الإسلامية أوروبا من غربها إلى شرقها، لكنها إرادة المولى (عز وجل)؛ إرادته أن يُستشهد بطلنا المُسلم عبد الرحمن الغافقي وينسحب الجيش الإسلامي من معركة بلاط الشهداء.
مؤلف كتاب بلاط الشُّهداء
شوقي أبو خليل (1941-2010م)، هو كاتب وباحث فلسطيني درس بكلية الآداب قسم التاريخ بجامعة دمشق، ثم حصل على دكتوراه في التاريخ من أكاديمية العلوم بأذربيجان، ثم عمل في عدة مناصب أهمها عمله أستاذًا جامعيًّا لمادة الحضارة الإسلامية في كلية الدعوة الإسلامية، ومدير تحرير في دار الفكر بدمشق، وقد ألَّف ما يزيد على سبعين كتابًا عن التاريخ والحضارة الإسلامية، ومن أهم مؤلفاته:
فتح الأندلس
عوامل النصر والهزيمة.
آراء يهدمها الإسلام.